مقالات

أول مدير مدرسة من أهالي خان يونس- بقلم محمد سالم علي الأغا

 أول مدير مدرسة من أهالي خان يونس


المرحوم الأستاذ عصام سعيد حمدان الأغا


 كتب : محمد سالم الأغا

عندما يُذكر اسم أبن العم الأستاذ، عصام سعيد الأغا، الخالد في ذاكرة شعبه، وطلابه، وتلامذته ومن عملوا معه، نتذكر مجموعة من العناوين والكلمات الدالة علي هذا الاسم : الصلابة والحزم ، التعليم و التربية الوطنية، الشفافية والتواضع والرجولة والاعتزاز بالنفس، الكبرياء والشموخ اللذان امتزجا بطريقة عجيبة وفريدة في شخصية هذا القائد المُعلم رحمه الله.

لقد عرفت أبن العم الأستاذ عصام سعيد حمدان الأغا منذ طفولتي المبكرة، وأنه بن العم الشيخ سعيد حمدان الشيخ الأزهري، الذي بعثة جدي الحاج حمدان ليتعلم العلوم الفقهية والدينية في الأزهر الشريف بمصر، والذي شارك أبناء شعبه الفلسطيني في مقاومة الخطط الاستعمارية لحكومة الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية، في تأجيج أطول إضراب في فلسطين، ومن الجدير ذكره، أن العم الشيخ سعيد كان رفيقاً لرموز الثورة الفلسطينية الأولي 1936،مع الشيخ عز الدين القسام .

ولحبه في التعليم رحمه الله فقد بعث بولديه الشيخ كما ل الي الأزهر الشريف، وأستاذنا أبو السعيد إلي مدينة القدس 1943، ليتعلم و يحصل علي شهادة " المترك " وهي شهادة رفيعة في تلك الأيام ، حيث أهلته شهادته أن يعمل مدرساً ومُعلماً، وقد ألتقيته تلميذاً، وأنا في الصف الثاني الابتدائي، بمدرسة الشهيد أحمد عبد العزيز الابتدائية للبنين (والشهيد أحمد عبد العزيز وهو، من الشهداء المصريين الأوائل الذين استشهدوا دفاعاً عن عروبة فلسطين، وقضيتها العادلة 1948)، والتي تقع شرق سكة حديد خان ويونس، وبالقرب من سوق الخميس الذي تشتهر به مدينتنا الخالدة، كأول ناظر ومدير مدرسة من أهالي ومواطني مدينة خان يونس، ومن رجالها النجباء،وأتذكره، ذا شخصية قوية، وقدرة عالية علي إدارة المدرسة، وقيادة تلاميذها الي التميز، والنجاح، وكانت تربطه بالهيئة التدريسية والمعلمين علاقات طيبة، انعكست إيجابا وحباً، علينا نحن التلاميذ، فأحببنا المدرسة والمعلمين، و لا زلتُ، أذكر من المعلمين الذين كانوا يعلموننا ولا يزال حياً يرزق، الأستاذ الفاضل رمضان محمد شبير " أبو صلاح"، أسأل الله له العمر المثمر خيرات، وأسأل الله الرحمة لمن فارقوا دنيانا الفانية، ولكننا نذكرهم بالخير لليوم، وأعتقد أن هذا خلود لهم ، وأذكر منهم : أبن العم، فضيلة الشيخ زكريا أسعيد الأغا، والشيخ خليل الحوراني، والشيخ محمد الخطيب، والشيخ محمد فليفل، ومحمد أخميس ، رحمهم الله، والأستاذ قاسم عاشور، والأستاذ قاسم بخيت، والأستاذ عايد سمور، والأستاذ أحمد الرقب، والأستاذ الشاعر هارون هاشم رشيد، والأستاذ الموسيقي علي كتوع ، وأذكر للجميع بشكل عام و للأخيرين بشكل خاص، أنهما علمونا الوطنية، وحب الوطن، والتغني بأناشيدهما و بأشعارهما وألحانهما الوطنية، وأذكر من هذه الأناشيد : عائدون ، ونشيد : من رفح لصفد خريطةُ لبلدي، رسمتها في كبدي ، أورثتها لولدي، تهللت أمجادنا ...

وعرفته أكثر عندما صرتُ طالباً بالمرحلة الإعدادية، ولحق بنا كمدير وناظر لمدرسة الشهيد عبد القادر الحسيني الإعدادية للبنين ( شهيد معركة القسطل )، والتي كانت تقع الي الغرب من مدرسة الشهيد عز الدين القسام الثانوية، وهي أول مدرسة ثانوية بخان يونس وكان أسمها سابقاً " مدرسة خان يونس الثانوية للبنين " ، ومن الجدير ذكره في هذا المقال أن ابن العم عصام أبو السعيد رحمه الله ، كان يتمتع بشخصية قيادية، وإدارية، أبان حكم الإدارة المصرية لقطاع غزة، وكان إداريا ناجحاً، وأعتقد أنه كان يقود المعلمين الذين كانوا يعملون معه، ويسيطر علي تلاميذ مدرسته إدارياً وتربوياً وهم في مرحلة من أهم مراحل حياتهم التعليمية ، وأذكر من المعلمين الأفاضل في هذه المرحلة : الأستاذ الفاضل عمر عودة الأغا ، والأستاذ قاسم سليمان الأغا، والأستاذ قاسم صالح الشوربجي، والأستاذ عبد الرحيم الشوربجي، والأستاذ فايز أحمد الشوربجي، اسأل الله لهما العمر المثمر خيرات وكذلك الأستاذ علي محمد العبادلة، والأستاذ أحمد أبو الديوك ،وفضيلة الشيخ خالد الفرا، والأستاذ أحمد صالح الفرا، والأستاذ أحمد الفرا، والأستاذ جمعة شراب، والأستاذ أحمد أبو نقيرة، والأستاذ عبد الشكور أصرف، والأستاذ نايف حرب حمدان، والأستاذ عيد عطالله والأستاذ عبد المجيد الأسطل، والأستاذ سعود شعت، والأستاذ إسماعيل عاشور ، أسأل الله أن يرحم من فارقوا حياتنا الدنيا، وأن يُمد في أعمار الأحياء وأن يجزيهم عنا خير الجزاء، وقبل أن أنتهي من المرحلة الإعدادية، رُفع أبن العم أبو السعيد الي ناظر مدرسة الشهيد عز الدين القسام ، ويحل محله، الأستاذ عبد الله الغرابلي الذي حُرر من الأسر الإسرائيلي سنة 1962.

وعندما أجتزت المرحلة الأعدادية إلي المرحلة الثانوية، كان يوجد بخان يونس مدرستين ثانويتان الأولي مدرسة الشهيد عز الدين القسام الثانوية للبنين، ( شهيد الثورة الفلسطينية الأولي، وقد عرفت لاحقاً، أن أبن العم أبو السعيد كان له شرف اقتراح تسمية المدرسة بهذا الأسم ، تكريماً للشيخ المجاهد عز الدين القسام المواطن السوري الذي جاء ليشاركنا في ذلك الوقت الدفاع عن عروبة فلسطين ومقاومة الاحتلال البريطاني ولتوطين اليهود في فلسطين )، وكانت المدرسة مخصصة " للفرع الأدبي "، وأصبح ناظراً لها الأستاذ عصام سعيد الأغا رحمه الله، والثانية ( مدرسة خان يونس الثانوية للبنين " الفرع العلمي" كان يديرها الأستاذ سامي سعيد أبو شعبان، الذي أنتقل ناظراً ومديراً لمدرسة فلسطين الثانوية، وحل محله الأستاذ مجدي سليم أبو رمضان ، الذي لم يمكث طويلاً، فاختارت إدارة التربية والتعليم بغزة الأستاذ عصام ليدير مدرسة خان يونس الثانوية، بكل حكمة واقتدار، وأعتقد أنه نجح في تلك الفترة من أيجاد توازن بين تيارات ومشاحنات، لاختلاف ميول وأراء طلاب المدرسة وتأثرهم بآراء المعلمين السياسية في ذلك الوقت، فقد عرفنا في هذه المرحلة، وأصبح لدينا الكثير من الوعي لنميز بين المبادئ والتنظيمات السائدة في ذلك الوقت، ( المبادئ الشيوعية، والبعثية، والقوميين العرب، والأخوان المسلمين، وكذلك الحركات الوطنية الفلسطينية التي ارتبطت بمنظمة التحرير الفلسطينية، وانطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " وقواتها العاصفة في الفاتح من يناير 1965م ، التي التفت حولها الجماهير الفلسطينية.

ولأن أبن العم أبو السعيد رحمه الله كان يقظاً ومنتبهاً علي الدوام لما يدور حوله وفي مجتمعه، ومدرسته، وما يُحاك لوطنه من فتن ومؤامرات، فكان حازماً في القضاء علي أي فتنه أو نزاع ينتج عن الخلافات في الرأي في مهده، وقبل استفحاله، ولا سيما الخلافات بين تلاميذ المدرسة والمعلمين المصريين، من جهة وبين المعلمين المصريين والمعلمين الفلسطينيين من جهة ثانية، ومما يسجل لأبن العم عصام والأستاذ سامي أبو شعبان، والأساتذة، إبراهيم سكيك ومجدي أبو رمضان وغيرهم ، وكذلك مدير أدارة التربية والتعليم بغزة الأستاذ بشير الريس ، أنهم جعلوا الحكومة المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، تساوي بين المواطن الفلسطيني والمواطن المصري الشقيق، فتمتعنا بمجانية التعليم، ومجانية العلاج، أسوةً بشعبنا المصري الشقيق.

وأذكر من المعلمين والأساتذة الفلسطينيين الذين عملوا تحت قيادته في مدرسة خان يونس الثانوية ، الشهيد محمد سعد غانم الأغا رحمه الله، والمرحوم الأستاذ حمدي البطة، والمرحوم أحمد خالد نعمات الأغا، والدكتور عبدالله عبد المنعم، والدكتور إحسان خليل الأغا والأستاذ ياسين علي الأمير الأسطل، و عبدا لله الجبور، ومحمد عابد، و أحمد السميرى، والأستاذ سليمان إقديح " أبو عصام " الذي سمي بكره بعصام تيمناً باسم حبيبة أبو السعيدً،كما كان وقتها سكرتير المدرسة، أبن العم الحاج نظام سعيد الأغا، ولن أنسي الأستاذ عبد القادر العديني " أبو هشام "، الذي تفرد، وتميز بتدريس الرياضيات في المرحلة الثانوية وهو يحمل شهادتها فله كل تحية واحترام ولكل الأحياء الأماني الطيبة بحياة مثمرة خيرات، ولمن فارقوا حياتنا الفانية، الفردوس والجنات ، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء ، فقد كانوا نعم الأخوة والآباء.
وبعد حرب، الخامس من حزيران 1967، واحتلال إسرائيل لأراضي الجمهورية العربية المتحدة " شبه جزيرة سيناء" وهضبة الجولان السورية، و للضفة الغربية من نهر الأردن، و لقطاع غزة ، التي كانت تديره الإدارة المصرية، وبسط سيطرتها علي الأراضي المحتلة، قام جيش الاحتلال الإسرايلي بإقتلاع أهالي الضفة الفلسطينية، وقطاع غزة، وترحيلهم إلي الأردن شرقاً، وأما أهالي قطاع غزة فرحلهم إلي الجمهورية العربية المتحدة بمصر، وكان من بينهم أستاذنا أبو السعيد رحمه، والذي عاش مرارة الهجرة والنزوح الي مديرية التحرير وكان معه في رحلة العذاب هذه، الأخوة وأبناء العم المهندس قاسم صالح ، والحاج جاسر سليم، والأخ الأستاذ أحمد خالد نعمات، وزكريا قاسم نعمات، والحاج رمضان علي ، والأخوين إحسان وتحسين عيد وغيرهم ، وأثناء مكوثه في القاهرة ، مكنته الثورة الفلسطينية وإدارة الحاكم العام بالقاهرة، كمسئول التربية والتعليم، وعند الاعتراف بالهلال الأحمر الفلسطيني يناير 1969 عُين أول مدير بالهلال للمركز الرئيسي بالقاهرة، وقد أشرف علي تأسيس أول مستشفي للهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة " مستشفي فلسطين "، كما أحتفظ بعضوية المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولي التي عُقدت بالقدس والثانية بغزة، وحتي عودته الي أرض الوطن 1994، وبسط السلطة الوطنية الفلسطينية سيطرتها علي الأراضي المحررة، عينه فخامة الرئيس ياسر عرفات مستشاراً له لشئون التعليم، حتي لقي وجه ربه صباح الثلاثاء الثالث من أغسطس 1999.
رحم الله فقيدنا الغالي أبو السعيد وكل من شاركه تعليمنا، فهم الذين زرعوا فينا الوفاء وحب الوطن ، وهم الذين صنعوا بأيديهم رجال الأمة.
اللهم أجزهم عنا خير الجزاء .

* باحث وكاتب وصحفي فلسطيني


 


يظهر على يسارالصورة السيد سليمان زارع الأسطل رئيس بلدية خان يونس وبجانبه
السيد عصام سعيد الأغا ناظر ومدير مدرسة خان يونس الثانوية، والي جانبه السيد
بشير الريس مدير إدارة التربية والتعليم بغزة، والسيد علي المصري وخلفه السيد يونس كلاب
أستاذ بوكالة الغوث، ويظهر أيضاً السيد نظير الفرا وإلحاج عمر شبير أبو عبد السميع
رحمهم الله جميعاً .


يتوسط الأستاذ عصام سعيد الأغا ناظر مدرسة خان يونس الثانوية رحمه الله مدرسين مصريين
من الذين ساهموا في نهضة التعليم الفلسطيني قبل حرب 1967


الصورة أثناء خروج فضيلة الشيخ عبد الحميد السائح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، والسيد
عصام الأغا والدكتور فتحي عرفات رحمهم الله ، عند خروجهم من مركز رعاية طفولة القدس بعمان 1984


الصورة للوفد الفلسطيني مع الرئيس العربي المصري الراحل جمال عبد الناصر ونائبه المشير
عبد الحكيم عامر أثناء زيارته للقاهرة وبعد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964،ويظهر
بالصورة بن العم أبو سعيد رحمه الله وسط الجالسين، والواقفين من اليمين المرحومين
عبد الله أبو سته، مصطفى أبو مدين، محمود نجم، والحاكم العام المصري لقطاع غزة
أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، المشير عبد الحكيم عامر،الرئيس
جمال عبد الناصر، منير الريس رئيس بلدية غزة وجمال الصوراني ويظهر خلفه قاسم الفرا
وبجانبه إبراهيم أبو سته ،ويظهر الى شمالهم الحاج طاهر يوسف الأغا، الحاج
حلمي الأغا أبو المعتز رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته

 

اضغط هنا للتعرف على المرحوم أ. محمد سالم علي حمدان الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد