نشر هذا الموضوع في صحيفة الوطن القطرية يوم الأثنين 3/9/2012
- بدوي أصيل أحرز عام "1953" الترتيب الأول في شهادة "الثقافة العامة" على كافة طلاب مصر والسودان وقطاع غزة - حصل على الدكتوراه في الهندسة المدنية في جامعة لندن عام "1964" متفوقا على كافة طلاب دول الكومنولث البريطاني
- أعظم إنجازاته "أطلس فلسطين" ذو الخمسمائة صفحة بالعربية والإنجليزية ويمثل خريطة للمستقبل تضمن حق العودة للفلسطينيين
- لم أحصل على فلس واحد من السلطة الفلسطينية ولم آمل يوما في دعم منها.....
- كان عضوا مستقلا في المجلس الوطني الفلسطيني وبعد اتفاق أوسلو انسحب من المجلس احتجاجا على تجاهل الاتفاقية لحق العودة
- تعليقات واضافات مهمة بخط الدكتور أبو ستة على كتابنا "مدائن فلسطين" الصادر عام "1993" تنشر للمرة الأولى على صفحات «الوطن»
- فوجئ بالاقتراح المقدم لرئيس بلدية "خان يونس" بإطلاق اسمه على بعض معالم المدينة ضمن شخصيات بارزة أخرى
الكاتب وإلى يمينه الدكتور سلمان ابو سته
أحببته عن بُعْد وعشقته عن قُرب، صافحته بعقلي ووجداني منذ عشرات السنين قبيل ان اصافحه بأناملي وكفي في دوحتنا وارفة العطاء فمن المبدعين من إذا قابلته عشقته روحك ومنهم قلة تثير في نفسك تساؤلات حول علاقة الشخصية بإبداعها. في بداية العقد الخمسيني من القرن الماضي انتشر في مدينتنا الغالية "خان يونس" خبر نادر الحدوث أبهج القلوب وأسعد النفوس مفاده تفوق الطالب "البدوي الترباني" سلمان حسين دهشان أبو ستة على كافة طلاب شهادة "الثقافة العامة" عام 1953، واحرازه الترتيب الاول على كافة طلاب وطالبات مصر والسودان وقطاع غزة. وأضحى الخبر حديث الناس في كل تجمعاتهم، بل اقترح البعض لفرط سعادته تعيين حرس عليه لحمايته من حقد الحاقدين وحسد الحاسدين !
وكان حصوله على هذا المركز المتقدم استمرارا لنفس المستوى الذي درج عليه الطالب المتميز خلال فترة دراسته بالمدرسة السعيدية العريقة بالقاهرة. وهو ذاته الترتيب الذي حافظ عليه في كلية الهندسة المدنية في جامعة القاهرة وحصوله على درجة البكالوريوس عام 1959، وكذلك حصوله على شهادة الدكتوراه في جامعة لندن عام 1964 وتفوقه المشرف على كافة طلاب الكومنولث (53 دولة) واستحقاقه للعديد من الجوائز الهندسية وغير الهندسية. وضمن نشاطاته المتعددة ألقى الدكتور أبو ستة عشرات المحاضرات والندوات واللقاءات الاعلامية المختلفة عن اللاجئين وحق العودة وذلك في مخيمات ومعسكرات اللاجئين في الكثير من اماكن تجمعاتهم في الدول العربية والأوروبية اضافة إلى الولايات المتحدة الاميركية.
وقد عرض ابحاثه ومشروعاته ايضا امام لجان متخصصة في برلمانات وجامعات متعددة اضافة إلى مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين كما تربطه علاقات مع عشرات الجمعيات الدولية والأهلية المتخصصة وايضا بشؤون اللاجئين وحقوق الانسان. وقام بتأليف اكثر من 400 بحث ومقال عن قضية اللاجئين وهو مؤسس ورئيس "هيئة أرض فلسطين" في لندن ومنسق عام مؤتمر حق العودة. يبدو أن عمله الموسوعي غير المسبوق "اطلس فلسطين" يعتبر اعظم انجازاته ويُعد اول توثيق متكامل للحقوق الفلسطينية في أرض فلسطين التاريخية واستغرق اعداده اكثر من عشرين عاما من الجهد المكثف معتمدا على عشرات المصادر والمراجع الدولية. ويضم الاطلس الذي يقع في نحو خمسمائة صفحة من القطع الضخم الملون ويضم ستين خريطة وخمسا وخمسين جدولا ومواقع تفصيلية لألف وثلاثمئة قرية ومدينة وأحد عشر ألف علامة أرضية وعشرين ألف اسم مكان ويثبت الحقوق التاريخية الفلسطينية مما يجعله كما يقول د.سلمان ليس مجرد توثيق تاريخي وانما خريطة للمستقبل تضمن للفلسطينيين حق عودتهم لبلادهم. لقد كرس الدكتور سلمان ــ وما زال ــ معظم حياته في دحض الرواية الصهيونية واعلاء صوت المأساة الفلسطينية التي تكاد تتوارى خلف ستائر النسيان الدولي لها واثبات الحقوق الشرعية الفلسطينية محاولا انقاذ ما يمكن انقاذه من جغرافية وتاريخ الوطن المسلوب. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الوطني الاسمى عمد بوحي من ضميره الحر لتحويل "شركة العمران الدولية" التي أنشأها في الكويت في ثمانينات القرن الماضي إلى مركز بحثي متخصص في قضية فلسطين ومأساتها الانسانية وكانت الشركة ناجحة بكل المقاييس ومستوعبة لعدد غير قليل من الموظفين. والعطاء "السلماني" لم يتوقف عند تحقيق هذه المنجزات المهمة فجعبته تحوي مشاريع بحثية اخرى يتوق لتحقيقها وأمام هذا الجهد الضخم والهمة الوطنية العالية يشعر المرء بمزيد من الاعتزاز والافتخار بهذا العطاء الذي تعجز عن مجاراته دول ذات سيادة واخرى بلا سيادة !
وقد يظن البعض بأن السلطة الفلسطينية تقدم الدعم له، لكنني اطلعت على مقابلة صحفية أجراها معه مراسل صحيفة "القدس العربي" بلندن ووجه للدكتور "ابو ستة" سؤالا مباشرا هذا نصه:
هل دعمت السلطة الوطنية الفلسطينية هذا العمل الهام ماديا؟ فأجابه بصورة واضحة ومباشرة قال فيها حرفيا:
لم أحصل على فلس واحد من السلطة ولم آمل يوما في دعم منها على الاطلاق ...... جدير بالذكر ان الدكتور سلمان حسين أبو ستة لا ينتمي إلى اي حزب او فصيل سياسي فلسطيني او غير فلسطيني لكنه كان عضوا مستقلا في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1974 وحتى توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 حيث اعلن انسحابه من المجلس احتجاجا على نصوص الاتفاقية التي لم تتطرق لموضوع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هُجرّوا منها. الأمر الذي أفرغ الاتفاقية من احد أهم الحقوق الفلسطينية وقد ثبت بعد مرور عشرين عاما من المفاوضات ان وجهة نظره هي الصحيحة متسقا في ذلك مع رؤية المرحوم الدكتور حيدر عبدالشافي (1919-2007) الذي اعترض منذ البرهة الاولى على الاتفاقية "الأوسلوية" كونها لم تنص على وقف الاستيطان الذي ما انفك يلتهم الأرض الفلسطينية التهاما. ومن أقوال أبي ستة المأثورة "اذا فشل المدافعون عن القضية فالأجدر بنا ان نغير المدافعين لا أن نغير القضية".
لقاء في الدوحة لا تنقصه الحميمية
الجوانب التي سبق ذكرها يعرفها بعض المتابعين لنشاط صاحب هذه السيرة لكن هناك جوانب اخرى قد لا يعرفها إلا القليلون من القراء الفضلاء. وقد تسنى لكاتب هذه السطور الالتقاء به لأول مرة اثناء انعقاد مؤتمر "اللاجئون الفلسطينيون في الوطن العربي ــ الواقع والآفاق" الذي استضافه "مركز الجزيرة للدراسات" بالدوحة بالتعاون مع مركز العودة الفلسطيني وذلك بفندق شيراتون الدوحة بتاريخ 14-15 ابريل 2012. وقدم الدكتور سلمان أبو ستة بوصفه المنسق العام لمؤتمر حق العودة بلندن ومؤسس هيئة أرض فلسطين دراسة دقيقة وموثقة على مساحة خمس وعشرين صفحة بعنوان "خطة العودة.. خطة تنتظر التنفيذ" وهي بالمجمل خطة قانونية منطقية محكمة تستند إلى نصوص القانون الدولي وفي حال تنفيذها ستؤدي لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.. ولكن.. هيهات.. هيهات. بعد انفضاض جلسات المؤتمر جلست معه وعرفته بنفسي فرحب بي ترحيبا لافتا وبخاصة عندما علم انني انتمي إلى عائلة الآغا بخان يونس حيث يعرف تاريخها جيدا وتربطه علاقات حب وود مع بعض شخصياتها وأثنى ثناء حسنا على وطنية العائلة التي قال ان أحدا من ابنائها لم يتعامل البتة مع الانجليز اثناء وجودهم في فلسطين ولا مع اليهود اثناء وبعد حروب 48، 56، 1967.
وقد فاجأته حينما سلمته نسخة مصورة من مقال كنت قد نشرته "بموقع النخلة" الخاص بالعائلة بمناسبة رحيل المربية الفضيلة "مديحة البطة" رائدة التعليم في خان يونس وزوجة أخيه المرحوم ابراهيم أبو ستة رئيس بلدية خان يونس الاسبق وسبق ان وجهت في مقالتين سابقتين اقتراحا لسعادة رئيس بلدية خان يونس محمد الفرا بإطلاق اسماء خمس شخصيات بارزة من ابناء المدينة على بعض المعالم فيها تخليدا وتقديرا لهم وهم: السفير الدكتور محمد حسين الفرا والمناضل سفيان عبدالله الأغا "مجيد" والدكتور قنديل شاكر شبير والشهيد عبدالعزيز الرنتيسي والدكتور المؤرخ سلمان حسين أبو ستة.
ولما سألني عن مدى استجابة رئيس البلدية أخبرته بأنني نشرت الطلب مرتين الاولى نشر في شهر يونيو 2009 بمناسبة وفاة الدكتور محمد الفرا "سفير الكلمة المضيئة" والمرة الثانية في موضوع الدكتور قنديل شاكر شبير "نموذج فريد للداعية المسلم" ونشر في شهر اكتوبر 2010، وحسب معلوماتي فإن رئيس البلدية لم يرد علينا لا سلبا ولا ايجابا وما زلنا ننتظر.
علامات الدهشة ارتسمت على تقاطيع وجه الدكتور سلمان لأنه في تقديري لم يكن يتوقع هذا التقدير من انسان لا يعرفه من قبل وليست لديه مصلحة من المصالح عنده (!) ولكنه الحب في الوطن.
خصومة ووئام بين عائلتي الآغا والأسطل
فجّر الدكتور سلمان امامي مفاجأة ــ من العيار المتوسط ــ لم أكن على علم سابق بها، وهي تتعلق بخصومة عائلية قديمة حدثت في الفترة الواقعة بين عامي 1830-1840م بين السطرية (سكان منطقة السطر بخان يونس من غير ابناء عائلة الأغا الحاليين) وبين عائلة الأغا حيث قتل السطريون أحد الأغوات غدرا فخشي السطريون من ردة فعل عائلة القتيل ففروا إلى شمال فلسطين وأقاموا في قرية "أبو الفضل" بعيدا عن خان يونس. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل حدث له ارتداد آخر تمثل في خلاف حاد وقع بين عائلتي الأغا والاسطل على ملكية الأرض التي انسحب منها السطريون واحتج "السطلان" بأحقيتهم في امتلاكها باعتبار ان القتيل قتل فيها، بينما احتج الأغوات بأحقيتهم في امتلاك الأرض التي سفح فيها دم ابنهم الغالي، فتدخل اصحاب المروءة والخير والنخوة لحل الخلاف بطريقة ودية واتفق الطرفان على قبول تحكيم الشيخ دهشان صقر أبو ستة (الجد الأول) شيخ غوالي أبو ستة والرضوخ لحكمه الذي سيحكم به رضوخا مطلقاً.
والحل الذي تفتق عنه ذهن الشيخ دهشان كان غريبا ومنصفا في وقت واحد ! امتطى الشيخ صهوة جواده وتحلق الطرفان حوله وبعد ان استمع لشكوى كل طرف توجه غربا باتجاه البحر المتوسط وتبعه جمع حاشد من الطرفين المتخاصمين ثم وقف عند نقطة معينة، واصدر "القاضي الفاضل" حكمه الفاصل: الارض التي تقع على شمالي من حق السطلان (آل الأسطل)، والارض التي تقع على يميني من حق الاغوات (آل الأغا)، فتنفس الطرفان الصعداء، ونزل الحكم بردا وسلاما على الطرفين، بيد ان احد الاغوات سأله بصوت مرتفع، وأنت يا شيخ دهشان ما نصيبك؟ فأجابه الشيخ بكل روية وحكمة وثقة في النفس: نصيبي سبع موجات في البحر! وعاد الوئام إلى صفوف وقلوب العائلتين العريقتين. وفي اثناء حديثه اخبرني الدكتور سلمان ان النسب بين عائلتي الآغا وأبي ستة قديم العهد، حيث تزوج احد شباب قبيلته فتاة "أغاوية" تدعى "نفيسة"، بينما تزوج عمه موسى حفيدتها "حاكمة"، وأنجب منها ولدا اسمه "عبدالله موسى" (المجاهد المعروف الشهيد عبدالله ابوستة).
لكن العم موسى توفاه الله في سن مبكرة، وترك وراءه الارملة "حاكمة" مع ابنها الطفل. وكعادة البدو تزوج حسين (والد الدكتور سلمان) ارملة اخيه، وأخذ عبدالله في كنفه ورباه مثل ابنه، وأنجب منها ابراهيم (المحامي) وسليمان (الطبيب). وما برح النسب قائما ومتجددا بين العائلتين والحمدلله.
رجال ومواقف
وانتقل الحديث بعدئذ من الشق الاجتماعي إلى الشق السياسي، وحينما يتحدث هذا المؤرخ والبحاثة فلا بد من الاصغاء لحديثه واعتباره ـ إلى حد كبير ـ حقيقة مسلّم بصدقيتها، وبهدف حصر المواضيع سأعمد إلى تسجيلها في نقاط محددة كي لا يفلت زمام الوقت من ايدينا.
- ان تاريخ عائلة الأغا مشرف وناصع البياض، فليس بينها من تعامل مع الانجليز او مع اليهود سواء في الماضي البعيد او الحاضر المعاش.
واطلعت على تقارير موثقة كان يرسلها كل حاكم لواء من ألوية فلسطين الانتدابية إلى القدس ولندن مرتين في الشهر، ومن خلال قراءتي لنحو ثلاثة آلاف تقرير عن اوضاع فلسطين، زمن الانتداب وجدت تقريرا يشيد "من الناحية الوطنية" بالشيخ سعيد الآغا ويصفه انه "المشاغب العاصي، فخطاباته النارية تثير الناس والطلاب".
- اطلعت على اسماء بعض الشخصيات الفلسطينية كانوا يُعْرِضون انفسهم (بضم الياء وتسكين العين وكسر الراء) للتعامل مع اليهود ولا أود ذكر اسمائهم حاليا.
- تعرض البحاثة لإحدى العائلات المعروفة في خان يونس وقال ان بعض افرادها تعاونوا مع اليهود قبيل نكبة فلسطين، وكذلك إبان احتلالهم لقطاع غزة عامي 1956 و1967 (لا داعي لذكر اسم العائلة).
- وذكر اسم عائلة قلاعية اخرى (نسبة إلى قلعة خان يونس) معروفة، كان احد افرادها (ذكر اسمه) يقابل ضباطا يهودا على خط الهدنة ويمدهم بمعلومات مختلفة.
- يقول الدكتور ابوستة: عندما كنت انقب في ارشيف جريدة الاهرام المصرية في عام 1948 طالعت صورة للمرحوم الدكتور محمد حسين الفرا وهو يخطب بحماس في مجموعة من النجادة الفلسطينية يحثهم على الجهاد.
- لم ينسه طول المدة ان يذكر بالفضل والشكر للدكتور المرحوم حيدر مصطفى الآغا الذي عالج والده المرحوم حسين ابوستة في عام 1954، والذي كان يعاني من كحة شديدة والتهاب حاد في الشعب الهوائية، وكان يقوم بزيارته والاطمئنان عليه مرتين في اليوم الواحد حتى شفاه الله وعافاه.
- وعرج في حديثه عن شخصية والده المرحوم حسين دهشان ابوستة واعتبره "رائدا" حيث بنى مدرسة على حسابه الخاص في عام 1920، قناعته ان العلم هو الباب الحقيقي الذي يجب ان يلجه كل متعطش للنهضة والرقي والتقدم، وكان ابوه مثقفا يقرأ لعباس العقاد وطه حسين وأحمد امين وغيرهم من عمالقة الادب، وكان يقول لجلسائه: عندما اذهب لزيارة مصر ارى المتعلمين والمثقفين فأغار منهم غيرة اعجاب وتقدير، وقد دفعه طموحه الوثاب لتعليم ابنائه الخمسة في الجامعة قبيل نكبة فلسطين عام 1948 فتخرجوا فيها وكان ابراهيم اول فلسطيني تخرج في جامع فؤاد الاول (القاهرة فيما بعد)، وسليمان وموسى وعلي تخرجوا في كليات الطب والزراعة والهندسة.
- في عام 1939 ذهب والده للحاكم الانجليزي المعتمد وطلب منه منحة لدراسة ابنه في جامعة اكسفورد: فقال له الحاكم: انت شيخ وأبوك شيخ، ولستم بحاجة إلى التعليم في اكسفورد، فرد عليه الشيخ معلقا: انا حريص كل الحرص على تعليم اولادي لأن العلم هو الذي أتى بالانجليز إلى فلسطين ليحكمونا في بلادنا.
- عندما سألت المهندس سلمان عن معنى "معين ابوستة" الذي يرد احيانا عند الحديث عن مدينة بئر السبع وصحراء النقب، أجاب بقوله: كلمة "معين" مشتقة من كلمة "ماعون" الرومانية، وقد امتلك آل أبوستة مساحات واسعة من تلك المنطقة وصارت تعرف "بمعين ابوستة"، اما منطقة الشيخ نوران الذي كان آل الأغا يمتلكون مساحات واسعة فيها قبل النكبة فقد اتضح فيما بعد وحسب السجلات العثمانية ان "نوران" أثر ديني بيزنطي مسيحي، وقد اسبغ عليه عامة الناس لقب "الشيخ" تبركا به، وتقديرا له دون علمهم بحقيقته البيزنطية وكان البعض يفضل دفن موتاه في نطاقه.
تعليقات المؤرخ أبوستة على كتابنا "مدائن فلسطين"
بعد صدور كتابي الاول "الشهيد الحي عبدالقادر الحسيني"، عام 1981 في بيروت صدر كتابي الثاني "مدائن فلسطين، دراسات ومشاهدات" عام 1993 وقد استقبل الكتابان بترحاب واضح من القراء، والدارسين والباحثين وقد تلقيت بتاريخ 6-8-1993 رسالة خطية ممهورة بتوقيع الدكتور سلمان حسين ابوستة "مروسة" بما يلي: "شركة العمران الدولية، ص ـ ب 25078، الصفاة 13111 الكويت: إلى السيد نبيل خالد الأغا ص ـ ب 7385 ـ الدوحة قطر، ص ـ ب 6099 عمان، الاردن، من د. سلمان حسين ابوستة. وتضمنت الرسالة التي تقع في ثلاث صفحات بمقاس A4 تعليقات واطراءات واضافات تتعلق بمادة الكتاب، وبالنظر لأهمية ما ورد فيها سأركز على الاهم، فالرسالة تعتبر وثيقة مهمة يعتد بها لمن يهمهم الامر من الباحثين والمؤرخين والقراء العاديين، والتي ينشر مضمونها للمرة الاولى في هذا المقال بعد مضي نحو ما يقرب من عشرين عاما على كتابتها.
بدأت الرسالة بما يلي:
تحية طيبة وبعد: عثرت على كتابكم في بيروت، ورأيته يباع في عمان حتى على نواصي الشوارع، وهذه علامة طيبة على الانتشار. لقد استمتعت بقراءة معظم الكتاب، فهو أثقل وزنا من مقال صحفي، وأخف وطأة من كتاب تاريخي محقق، وأهم من هذا وهذا، فهو سجل لانطباعات شخصية صادقة التعبير ومؤثرة، خصوصا عندما وصفت مسقط الرأس خان يونس وما حولها. وبجانب ذلك، فقد قدّرت صدقك في وصف المحدوديات (ص10 و11) التي تراها ظاهرة في الكتاب، ومناشدتك القراء (ص463) ان يفيدوك بمعلومات اكثر، وهذا ما حفزني إلى الكتابة اليك، بجانب رغبتي في التعبير عن جودة الكتاب، عسى ان تجد في ملاحظاتي هذه بعض الفوائد. وقد اعقب هذه المقدمة اسماء كتب اخرى صدرت عن مدن فلسطين باللغتين
العربية والانجليزية.
ص363، بالنسبة إلى الفلسطينيين القدماء وشمشون، انظر الكتاب الهام الذي صدر هذا العام.. قد أثار الكتاب ضجة كبيرة لأن اليهود في كتب العهد القديم خلقوا صورة سيئة عن الفلسطينيين، وكلمة فلسطين Philistine في القاموس تعني بربري، غير حضاري، متوحش، واتضح الآن في حفريات اسدود وعاقر وتل القصير وبيسان انهم في غاية الحضارة، ولديهم صناعة متطورة، وتخطيط مدن، وتجارة، ومجتمع منظم، وهم الذين كان الاسرائيليون يشترون منهم "السيف، والمحراث". ولذلك اتضح للأوروبيين خداع اليهود وكذبهم التاريخي، واتضح ايضا ان هناك شك في ان شمشمون يهودي، فيحتمل ان يكون هو نفسه فلسطينيا قديما لانه من قبيلة Dan وهناك شك ان هذه القبيلة ليست يهودية، بل فلسطينية، واتضح ايضا كذب اليهود في أساطيرهم في كتاب:
.... ولكن هذا موضوع طويل.
ص389: شهادة جدكم عن املاكه في الشيخ نوران الموجود في "معين ابوستة" هل يمكن ارسال صورة عنها؟ لأنني أقوم منذ عدة سنوات بعمل دراسة مطولة عن "بلاد غزة"، من 1750 - 1950، وهذا يساعدني، في جنوب المعين (محل مستعمرات مفتاحيم، كفر شالوم، نيرتسحاق (الدنجور) توجد اراضي "القلاعية"، و"الشعوث" والخضري، والجزري، هل لديك معلومات محددة عن مكان ومساحة أراضيهم، ومن استملكوها، وماذا تزرع، وعدد السكان.. الخ.
ص397: "الثوابتة" جزء اصيل من الجبارات وكانوا شيوخها (شيوخ كامل القبيلة).
ص398: عن العشائر في القبيلة (23 أو 26، 20 أو 24)، سببه ان العشيرة رابطة دم، والقبيلة رابطة احلاف، احيانا تنضم عائلات إلى عشيرة فتكبر، او تنفصل عنها فيزداد عدد العشائر، ولذلك فإن التاريخ (السنة) هي التي تحدد عدد العشائر في ذلك الوقت.
ص339: المحافظة (أبومحفوظ) ترابين، اتصل بفرحان ابومحفوظ في عمان بواسطة جمعة حماد فهو حجة.
ص399: شخصيات بارزة: أبوكشك من عرب يافا وليس من قضاء بئر السبع، وابن جازي (الحويطات) في شرق الأردن وليس السبع، وبعضهم في شمال فلسطين. ـ الشيخ سلمان ابوربيعة، وليس سليمان (توفي عام 1946)، لا يوجد الصايغ، ربما الصانع وفي هذه الحالة يكون الشيخ حمد الصانع. ـ الشيخ جدوع الصوفي، لا يجوز ادراجه، لانه كان سمسارا لليهود، ولكنه حاول عام 1948 التكفير عن ذلك بالانضمام إلى قوات الشيخ عبدالله ابوستة لتنظيف سمعته، ولم يكن شيخا على اي حال.
الشيخ حسين ابوستة
وقد استغربت جدا عدم ادراج اسم: الشيخ حسين دهشان صقر ابوستة (1885 - 1970) شيخ غوالي ابوستة، وأبرز مشايخ الترابين، وقابل تشرشل (1921) من بين اعيان فلسطين، وبنى اول مدرسة للقبائل من غزة إلى العقبة على حسابه عام 1920، وأول من علم اولاده في الجامعات في الثلاثينيات، ومثّل جنوب فلسطين من غزة جنوبا في "مجلس فلسطين الزراعي" ومعه جميل الشوا فقط عام 1929، وكان رئيسا لمجلس الدموم، وقاضيا في محكمة العشائر في بئر السبع، ومثّل جنوب فلسطين في معظم المؤتمرات الوطنية في عهد الانتداب، المؤتمر العربي الفلسطيني 1922، والسادس 1923، والسابع 1928، ومؤتمر اللجان القومية 1936، والمؤتمر العربي القومي في بلودان 1937 (المصدر: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917 - 1948، بيان نهويض الحوت). وكان عضوا في الهيئة العربية العليا، والمجلس الاسلامي بغزة، ومن الموقعين على انشاء حكومة عموم فلسطين في غزة، اكتوبر 1948 .
المجاهد الشيخ عبدالله أبوستة
المجاهد الشيخ عبدالله ابوستة هو ابن اخ الشيخ حسين دهشان، وقد تربى في كنفه مثل اكبر اولاده، بعد وفاة والده (والد الشيخ عبدالله) عام 1918 وكان عمره اربع سنوات. وسجل الشيخ عبدالله حافل في الوطنية، كان قائدا في جنوب فلسطين في ثورة 1936 واحتل مع زملائه بئر السبع عام 1938 ولجأ إلى مصر سياسيا بعد ان طارده الانجليز، وعاد في مطلع الاربعينيات، وأسس فرقة من المتطوعين عملت مستقلة، ومع الاخوان المسلمين عام 1948 إلى ان حلها المواوي (!) وأسس اللجنة التنفيذية لمؤتمر اللاجئين عام 1950 وهي أول تنظيم سياسي بعد النكبة. واشترك بالقيادة في اعمال الفدائيين ايام الحكم المصري لغزة، وكان عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني بغزة، ومثّل منظمة التحرير الفلسطينية في قطر حتى عام 1969 .
ونظرا لنفوذه بين القبائل وحثهم على الجهاد الوطني اغتاله الجيش الاردني عام 1970 .
ومن الشخصيات الاخرى: سليمان صقر ابوستة الذي كان قائدا لمتطوعي بئر السبع مع الاتراك ضد الانجليز، واستشهد عام 1914 في سيناء، وسجل اسمه مع الشهداء في متحف المسجد الاقصى بالقدس ولا يزال.
وكذلك احمد صقر ابوستة الذي آوى المجاهد المفتي الشهيد احمد عارف الحسيني (مذكور ص382) وابنه الضابط، فاعتقل الاتراك الرجال الثلاثة بعد وشاية، فشنق احمد عارف، وأعدم ابنه لانه ضابط، ونفى احمد صقر إلى قونية التركية عام 1916 حيث مات هناك.
ويواصل الدكتور ابوستة تعليقه على كتابي "مدائن فلسطين" قائلا:
اما شرحكم لحوادث 1948 وسقوط جنوب فلسطين بعد هزيمة الجيش المصري، فهو فصل في غاية الألم، وسيأتي وقت للكتابة عنه بموضوعية وتفصيل، خصوصا بعد توافر وثائق ومستندات عربية وأجنبية.
وقد أنهى رسالته بهذه الكلمات:
وختاما هذه ملاحظات متفرقة وليست شاملة، وأكرر تقديري لمجهودك الطيب المفيد، وأرجو أن أتمكن من اكمال بحثي عن قبائل وبلاد غزة الذي استغرق عدة سنوات "في جمع المعلومات" من مصادر في لندن وباريس واستنبول، ولايبزج ونيويورك، واقبلوا أطيب تحياتي ـ التوقيع سلمان ابوستة (16-8-1993).
***
ولم أنس في خضم هذا اللقاء المشوق الذي جمعني بأحد أهم المهمومين الايجابيين بقضية فلسطين ان أسأله عن سر تفوقاته اللافتة، وعما اذا كان النبوغ فطريا أم مكتسبا، أجابني بكل تواضعه وثقة: إنه الدعم الإلهي أولا، ومن ثم توافر البذرة الصالحة والتربة المناسبة ولا شيء أكثر من ذلك!
nabil-agha@hotmail.com
رسالة د. أبو ستة للكاتب/1993
[1] جواد سليم إبراهيم سليم | حامل لواء العودة | 04-09-2012
حقاً إن هذا الرجل اختار قضية اللاجئين وحق العودة لتكون قضيته المركزية التي يعيش لها ويموت - بعد عمر طويل وحسن عمل - مدافعا عن مبادئها - إن هذه القامة السامقة قدمت وتقدم الكثيير وهي تستحق منا الكثير... وإن كان لم يلق في دنيانا الدعم والمكانة التي يستحق فيكفيه بإذن الله الأجر والثواب في الاخرة....فهو ممن ساهم وبفعالية في بقاء قضية العودة حاضرة وبقوة... وكان له الأثر الكبير في زيادة الوعي تجاه قضية من أخرجوا من ديارهم وأموالهم.....وعندما سيعود اللاجئون إلى ديارهم عاجلاً غير اجل بإذن الله - وهذا موعود الله لنا يقيناً - حينها سيكون لهذا الرمز سهما بإذن الله في هذا الإنجاز المتحقق لا محالة..فإن كان أبو ستة في دنيانا فستدمع عينه وهو يرى ثمرة جهده تجاه قضيته الكبرى التي عاش عليها... وإن كان غير ذلك فسينام عندئد قرير العين...
بورك الكاتب وبورك المكتوب عنه... وتقبلوا تحياتي
[2] وائل خليل احمد الاغا | تحية وتقدير | 04-09-2012
[3] د. عزالدين كامل أبوسته | شكر وتقدير | 06-09-2012
وهاهنا سيرةٌ عطرة تجلت في نفس عظيمة تربعت عرشَ الجوزاء .. وهمةٌ بل قل هممٌ ارتقت ببطلها هنالك بين النجوم .. بين قامات العظماء .. لتنقش لها عرشاً بحجم فلسطيــــن في قلوب محبيها.. وبحجم العطاء الذي نالته فلسطين من قلبه .. لتزدانَ هذه وتلك بمبادئ راسخات كالجبال .. لم تنل منها طولُ غربة ولا معوقاتٌ أو مغرياتٌ على الطريق ولا حتى وقارٌ توجَ الرأسَ الكريم في عقدِه السابع من العمر ../
قُـبــلةُ تقديرٍ أطبعها على جبين هذا المقاتل العنيد على جبهة حق العودة .. الدكتور سلمان ابو سته و الذي أعتز بمسكنِه في قلبي رغم بُـعدِ الجغرافيا ..
والشكرُ موصولٌ للأستاذ نبيل الأغا على تألقه في مقاله الكريم ..
ومن المفارقات التي أفخر بها أن د. سلمان أبوسته هو خال أبي .. و جدي المرحوم عبدالحميـد الأغا طيب الله ثراه هو خال أ. نبيل الأغا ..
[4] فتحي رمضان الحاج محمد | إمامُ العاشقين | 06-09-2012
ليس غريبا على القوم هذا التفاني، فهم من أسس مدرسة المعِين،وهم صدارة الجهاد والجِلاد والوطنية،يبذلون صامتين، وإلى جدهم الشيخ صقر تنسب بلدة كفر صقر بمحافظة الشرقية-مصر،و وعلى درب أجدادهم قدَّم الربعُ الشهداء والأموال دعما لمنظمة التحرير ، وفي سبيل الأرض التي بارك الله فيها للعالمين،وتصدروا بلدية الخان،وما تركوافرصة في خدمة الهدف السامي فتضامنوا مع المرحوم الشقيريّ ومن بعده مع المرحوم عرفات،ولما أحسوا زيغا،انسلّوا عِفافًا نِظَافًا،نائين بأنفسهم عن الهرج والمفسدة والتربح على حساب القضية الوطنيةالسامية،
وقد توج ذلك د.سلمان في مجموعة روائعه:حق العودة،والخرائط الدقيقة التي لم تغادر مقام ولِيّ ولا "بايكة" إلا رصدتها ووثقتها، بعقلية واعية ،وقد تكرّم المرحوم الأستاذ:مَحَمُودأبو ستة بإهدائي تلكم الأعمال العملاقة والخرائط الدقيقة فشعرتُ أني أمامَ إمامِ العاشقين أرض فلسطين حقًّا... حواضرها ،بواديها،والنجوع،تراثها، نضالها طارفه والتليد،فكر هاديء ومقترحات غاية في الدقة ..هذا"البدويّ" الفذّالذي لم تلوثه الملوثات، ولا حُمّى الأوهام ولم تطغ عليه المغريات،ذو قناعة راسخة بأن الحياة "ليست مفاوضات" ولا استكشافات ومراسلات تفضي إلى مفشلة تلو مفشلة،لتكون الفِرية الكبرى في تاريخ أمّ الشهداءالمروّاة بالأحمر القاني...
فلسطين ،لقد حُقّ لسِبْط المرحوم الحاجّ محمدالأغا"قاضي نوران"أن يخط بيمينه تاريخ عشيرة عزيزة منيعة أبيَّة ربطتها -وما تزال- أواصر الجيرة والطنابة والمصاهرة بجده وذريته،...ولا مجاملة!!.
[5] ماجد عبدالله ابو سته | شكر | 18-06-2013