قانون الشعب الفلسطيني .. لا شرعية لمثيري الفتنة
د. يحيى زكريا الأغا
ثلاثة حروب وقعت على غزة، دمّرت، وقتلت، وجرحت، والمصالحة بعد كل حرب تقترب من الواقع، ولكن ما أن تهدأ الأمور، ويبدأ الطرفان بالتقاط الأنفاس، ثم تعود "ريما لعادتها القديمة" ، وتتحول أمال الشعب إلى إحباطات شديدة، ونجلس جانب الحائط .
الحرب الأخيرة التي امتدت لأكثر من خمسين يوماً، أكلت الأخضر واليابس، وأصبحت غزة أطلالاً، وأثناء وبعد هذه الحرب انتظر الشعب المصالحة، وبدأ العد العكس لحالة الانفصال بين شطري الوطن، وبدأت آمال الناس تنتعش كثيرا.
تفاجأت كغيري بما تم في القاهرة من مصالحة على الورق، وكنت أحسبه ورقاً أبيض مقروءاً، وإذا به ورق أسود وبقلم أسود لا يُعلم ما كُتب عليه، وتقديري كان لابد من هذه المصالحة، لمتطلبات أممية ودولية وإقليمية وعربية وليست نابعة من المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وبالتالي وجب الرجوع إلى نقطة الخلاف الأولى.
قالوا حكومة توافق، ورئيس وزراء أكاديمي ناجح، ووزراء مناصفة ومحاصصة ، فقلنا رائع، ولكن دون سلطات على الأرض، ودون ممارسة شرعية لكل مفردات العمل الجماعي المؤسسي.
لا أحد يشك في قدرات رئيس الوزراء ومن عينه، ولا أحد يشكلك في قدرات الوزراء، فنواياهم صادقة، ووطنية، والزيارة الأخيرة لغزة تثبت ذلك، ولكن هناك فرق بين النوايا، والممارسة ، الله يعينك يا رئيس الوزراء.
لم تمر سوى أيام معدودة، وبدأ العد العكسي لِما اتفق عليه في القاهرة، قذائف الكلمات بدأت تنطلق من هنا وهناك، وتخوين من طرف ضد الآخر، وعدم ثقة بين الجميع، وردّات فعل عنيفة جداً، ورجعنا إلى بدايات الانقسام.
شرعنة وألا شرعنة، تطاول وتسفيه، وانتهاك لحرمات، وسجن وسجناء، واعتقال وإقامة جبرية، ومنع من السفر، وإرجاع من الحدود، تأشيرة زيارة لغزة، وممنوع من الدخول للضفة، كهرباء وست ساعات، تخوين وتنسيق لطرف لحساب طرف إسرائيل، ومباحثات من تحت الطاولة، وتنسيق مع آخرين، ودواومة لا يعلم بها إلا الله، والضحية ليس من يجلسون على كرسي بمنصب أو غير منصب، ولا راكبي السيارات الفارهة، أو معطلي السير بمواكب مختلفة الطول والقصر، ولكنه الشعب الغلبان المحكوم بالعصا والجزرة، ولا يمكن أن يُصنّف هذا التوصيف إلا مع الشعوب المريضة.
إلى اليوم نتكلم لا شرعية للرئيس، ولا شرعية للتشريعي و لا شرعية للوزارات، ولا شرعية للأشخاص، ولا شرعية للانقسام، ولا شرعية للمباحثات، ولا شرعية للمفاوضات، ولا شرعية لفتح، ولا شرعية لحماس، ولا قيمة للتنظيمات، وأصبح الوطن بمن يعيشون عليه لا شرعية لهم، وإذا كانت الشرعيات تمنح وتعطى حسب الأهواء والمزاجات، والمحطات السياسية، فهل الذين يجلسون على الشاشات ويقذفون الكلمات والتصريحات لهم شرعية؟! إنهم جزء من أللاشرعية، وإذا كان كل ما سبق بدون شرعية، فمن الذي له الشرعية أيها الحمّالون للحطب؟
أقول : إذا كان الجميع لا شرعية له كما يقول الصغير والكبير، فلتتركوا مناصبكم جميعاً، ولتنزلوا للشارع بانتخابات حرة ونزيهة، واتركوا الشعب يقرر، ويختار من يرد، وأهلاً وسهلاً بمن نختاره، حتى ولوكان أشعث أغبر، فسيكون الأفضل، لأنه لو أقسم على الله لأبرّه، وكفوا ألسنتكم عن الشرعنة من عدمها والتجريح والقذف .
والله لا شرعية لفلسطيني يتطاول على فلسطيني، ولا شرعية لفصيل يتطاول على فصيل، فنحن أبناء هذا الوطن يأسنا من سوء تصرفاتكم، وخجلنا أمام العالم بالخارج من تجريحكم لبعض، بل والله مللنا من وجوهكم المدمرة لفلسطين والحاقدة والمستهلَكة، وزهقنا من التصريحات العدائية، والعبارات القذرة التي لا ينطق بها إلا المتصهينون الجدد، إننا نريد وجوهاً غير التي نراها بانتخابات، ونريد أشخاصاً يُناط بهم قيادة الشعب الفلسطيني ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، أو ألسنتهم بالسباب والقذف العشوائي.
أذكر أن إسرائيل وضعت قانوناً يسمى " الأيدي الملطخة بالدماء" والشعب الفلسطيني يضع اليوم قانوناً يضيفه للقانون الإسرائيلي " والألسن القذرة المسببة لتأجيج الفتن"
كفى انتقادات، وكفى قذفا، وكفى تطاولاً، وكفى استهزاءً، وكفى تغولاً، وكفى قتلاً، وكفى سجوناً، وكفى اعتقالات، وكفى ترهيبا، وكفى إقامة جبرية، وكفى تصريحات، وكفى تحقيراً، وكفى عزلاً، وكفى انتقاماً، وكفى مرآة، وكفى رويبضة، وكفى تخديراً، وكفى نفاقاً، وكفى تشرزماً، وكفى تغليب الخاص على العام، وكفى وكفى وكفى .
هذه التصرفات يستشعر بها الفلسطيني عندما تصدر من بعض الأشخاص الحاكمين الآن والذين يعكرون صفو المصالحة، صفو الحياة الكريمة لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج، إنهم والله يعكسون حالة مرضية يعيشونها بدواخلهم، ويتمنون ألا تتم المصالحة لأن لهم مآرب شخصية تسمو على الوطن والقدس الذي يُذبح وهم جالسون أمام الكاميرات، خشب مسنّدة وأمام، الميكرفونات كالطواويس، والأهرامات، وكأنهم لا يسمعون إلا أصواتهم.
مَن هم هؤلاء؟ إنهم الفئة التي إذا قرأت المقالة انطبقت عليه الصفات، أو صفة منها، وعليه أن يغيّر من نهجه، أو يتنحى جانباً.
والله نموت كل يوم مائة مرة عندما نسمع قذارات تنطلق على الهواء، أو خطابات عنصرية تفوح من روائح أفواههم الكريهة، أو تصنف الآخرين بالعمالة، أو عدم الشرعية، أو التحقير، أو الفرعنة، أو التسفيه لإي شخص .
يا أبناء الوطن الواحد، أطفئوا شرارة الانقسام ونار الفتنة، والله كم أتمنى أن تنقطع الكهرباء عن فلسطين بكاملها حتى لا يُسمع تصريحات عبر الفضائيات، أو مؤتمرات قذرة عبر مكبرات الصوت، أو خطب هنا، وخطب هناك.
والله إنني أحب أن تنير فلسطين كاملها بالأمل والحب والمودة والتراحم، والمؤاخاة، لا بنار الفتن والانقسام والتشرزم.
لتسمو النفوس يا أبناء فلسطين، فإنني لا أريد أن أطبق قول أحد الفلاسفة "إذا طال لسانك على أحد، فاعلم أن عقلك ناقص" وهذا لا يمكنه أن ينطبق على فلسطين التي منح الله أهلها من فوق سبع سماوات بما لم يمنحه لأحد على الأرض، فلتسموا جميعاً بالكلمة، ولترتقوا بخاطاباتكم إلى ما يوحد الصف، حتى نحقق غاياتنا في إقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس.
يا أبناء القدس والأقصى، انتصروا لفلسطين والقدس، ولا تنتصروا لأهوائكم، وأنفسكم، انتصروا للحق المبين، ولا تنتصروا للظلم والقتل، ارفعوا أيديكم عن الشعب، فللشعب حرية كفلها الله، والقانون، اعملوا على المساواة في الحقوق والواجبات، والمساواة بين الناس، ولا تتحزبوا فهذه فتنة، والفتنة أشد من القتل، ولا تتناحروا، فالقتل يخرج المسلم من عباءة الإسلام، انتصروا لله، انتصروا لدينكم، انتصروا للحياة للحب، للعدل، للمؤاخاة، انتصروا لفلسطين والقدس، انتصروا لِما يحقق الرخاء لشعبكم، انتصروا لِما يحفظ كرامة الوطن والموطن، لِما يحقق الأمن والأمان لشعبكم، وأطفالكم، ومستقبلكم، التحموا بكل الدول، ولا تعادوا أحداً، اقتربوا من الجميع، وخذوا ما ينسجم معكم، تعاونوا مع الكل، وارتقوا بمنهجكم وألسنتكم، وعقولكم، حتى نسمو وتسمو أمام الشعوب والأمم، ويصبح لنا كرامة وعزة ومنعة، ولا نجلس على أبواب الدول شحادين نطالب المعونات.
وفروا لأبناء الوطن فرص العمل، افتحوا المصانع، وازرعوا الأرض المباركة، ابنوا العقول والإنسان، وساهموا في خلق فرص عمل للجميع حتى لا نجلس نستجدي، أو نفر من الموت إلى الموت في البر والبحر والصحاري.
كفى يا ساسة، وإلا لا نريد أحداً أبداً، فالشعب يحكم نفسه.
[1] حسام عثمان محمد الأغا | فلسطين فوق كيد الخائنين | 05-11-2014
[2] عبد الكريم عاشور | رائع حقا | 05-11-2014
[3] المهندس/ بسام سعد العقاد | هذا صوت الحق | 05-11-2014
[4] عبد الكريم صقر الأغا | مشاركة !!!! | 08-11-2014