في ذكراك يا أمي- أ. عائشة فضل الأغا
عام على رحيل الحاجة فهيمة السقا
بين أروقة المستشفى في ذاك المساء الرماديّ يوم الجمعة 11/1
كان مساءا ثلجي النسمات يعبره صمتي بلا كلمات
وعيني تسترق النظر على الشاشات وقلبي يرتجف خوفاً من تلك اللحظات
ويدياي تمسك يداها الدافئتين بقوة، وخدّي يلامس خدّها خوفاً من الفراق ، بدأت دقات قلبها تشارف على الإنتهاء
بعد أن بدأتْ الأجهزة تعلن نبأ الرحيل ، بعد أن فقدت ُدفء يديها ،بعد أن فقدتُ بريق عينيها،
بعد أن فقدتُ الإحساس بآخر أنفاسها، كذبتُ نفسي وعقلي فتحركتُ كالمجنونة نحو الجهاز استدعيتُ من كان، تعالوا وأصلحوا الجهاز ، ناديتُ أخواتي إيمان وميسا بالله عليكم من عطل الجهاز ....خرجت من الغرفة بعد مجئ الدكتور ..عفوا لو سمحتم اخرجوا لنفحصها من جديد ،أملٌ بسيط تسلل اليّ بأن أمي ستشفى ويعود دفئها ونبضها ونظراتها...
انتظرت لحظات في الخارج وكأنها دهور ؛ بعدها خرجوا ليعلنوا خبر الوفاة !!!!
عن أي وفاة تتحدثون ،هذه امي !!!! نبض قلبي ،أمني وأماني راحتي وسلوتي ملهمتي ومرشدتي حناني ودلالي...
بصوت يختلف عن صوتي وشعورغريب أُضيف منذ تلك اللحظة إلى قائمة مشاعري، وحركات لم تتحرك بها يداي يوما، أمسكت بزوجي أستجديهِ بذلٍ وإنكسار ودموع ٍتنهمر من قلبي لا من عيني، بأن يفعل اي شيء كي لا ترحل أمي كي لا أفقد امي.
ولكن للأسف لم اجد منه جواباً غير دموعه وأحضانه !!
فااااضت روحها إلى بارئها ، فاضت روحاً صلت وصامت ،عفت وسامحت، سهرت وربّت ،أعطت وأكرمت ، استعدت وتأهبت لتلك اللحظة ،،ودّعت الدنيا وكانت آخر سويعاتها ركعات كثيرة ولسان يلهج بذكر الله ،وعيونها لا تنظر إلينا بل تنظر إلى السماء، طلبت الماء ومدت يدها لتشرب ولكن لا ندري من سقاها؟سمعت صوتاً كصوت العصافير قالت ، وتسألنا هل سمعتم؟ طلبت الرطب والرمان وشاهدت العسل في كؤوس مصفوفة ،وتسألنا هل شاهدتم؟؟
فاضت الروح وفنى الجسد، لكن انت وروحك وذكراك الجميلة لن تمحوها الأيام ابدا..
مرّ عام الحزن هذا !!!!!!ولا احد يعلم كيف مرّ الا الله، وقاومناه بالدعاء والصبر وعلى أمل لقياك في جنات الخلد بإذن الله!!!!
رب اغفر لحبيبتي و ارحمها وعافها وأعفواعنها ،اللهم جازها بالاحسان إحساناً وبالسيئات عفوا وغفرانا، اللهمّ املأ قبرها بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور. اللهمّ إنّها في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِا فتنة القبر، وعذاب النّار، وأنتي أهل الوفاء والحقّ، فاغفر لها وارحمها، إنّك أنت الغفور الرّحيم.