بطاقة تهنئة "للجد" محمد كامل الأغا نبيل خالد الأغا الدوحة
|
|
|
|
الأستاذ كامل محمد |
الحاج محمد كامل |
أخي الحبيب "أبو كامل" رعاك الرحمن الرحيم (القاهرة) تحايا متجذرة ومتجددة وبعد: لم يسبق لي أن خصصت مقالة مستقلة لتهنئة صديق أو قريب بمولود جديد، فعندي من الأحمال النفسية والموضوعية ما تنوء به قدراتي الذاتية للخوض في مثل هذه المواضيع التي تعتبر أكثر من ثانوية بالنسبة لي، لكنني وبكل حب أقول لك "مبروك" بميلاد حفيدك "محمد" وبذلك أصبحت "جَدًا". وربما تتساءل في نفسك ـ وكذلك بعض كرام القراء ـ مادام الأمر كذلك فما الدافع الجلل الذي حفزك لصياغة هذه التهنئة غير العادية؟! وإجابة عن هذا السؤال أقول إن فرحتي بميلاد حفيدك ذات ثلاث شُعب:
الشعبة الأولى: تخص والدتك الحاجة خيرية حافظ عثمان الأغا والتي أضحت بعد تضحيات جمة "جدة"، وأشعر بشعورها المبهج وأشاركها فيه.
الشعبة الثانية: لك أنت شخصياً أيها الرجل العصامي الملتزم، الذي نشأت ـ برغم ظروفك القاسية ـ في طاعة الله طفلاً وشاباً وكهلاً، ونحسبك ـ ولا نزكي على الله أحداً ـ أنك ستكون ضمن السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
الشعبة الثالثة: لنجلك المحروس بعناية الله كامل.. أبي محمد الذي نحسبه صورة مصغرة منك, "ومن شابه أباه فما ظلم".
أخي الحبيب: إن مسيرتك الحياتية الشاقة الطموحة والتي توجت بنجاح باهر تعتبر قدوة رائعة للشباب، وأستأذنك بعرض بعض صورها من مستودع الذاكرة:
الصورة الأولى: ما برح طيف والدك رحمه الله ماثلاً في مخيلتي منذ كنت فتى يافعاً في منتصف عقد الخمسينيات من القرن الماضي، كنت أقابله صدفة في مدخل بيت عمنا المرحوم الحاج إبراهيم سليم الأغا، وكان يشد انتباهي بطلعته البهية ووسامته اللافتة، و"قمبازه" دائم اللمعان، فأطرح عليه السلام، فأحظى منه بالرد المهذب والابتسامة الندية. وقد كان رحيله المفاجئ في فجر شبابه قد أحدث جرحاً غائراً في قلوب العائلة وألسنتها، فإضافة إلى الحسرة على غياب الأب، كان الإشفاق على الزوجة الشابة التي ترملت في ريعان صباها، ومولود غض فتح عينيه على عالم اليتم الأبوي هو أنت يا أخي محمد.
الصورة الثانية: أثناء إقامتنا المؤقتة في البيت الحالي لعمنا الغالي المرحوم مهدي نعمان الأغا (أبو عصام) بداية الخمسينيات، ارتبطت أسرتنا ارتباطاً وثيقاً مع جيراننا المميزين المقابلين لنا في الضفة الجنوبية بشارع الأغوات، وأعني بهم بيت المرحوم العم طاهر الأغا (أبو محمد) وزوجته المرحومة الحاجة لبيبة وأبنائهم، وكذلك بيت خالك الحاج سلامة وجدتك الحاجة أم سلامة رحمهما الله، إضافة إليك وإلى والدتك الحاجة خيرية أطال الله عمرها وأحسن خاتمتها، وكذلك أسرة العم المرحوم عبدالحافظ الأغا (أبو حافظ) وزوجته وأبناؤه حفظهم الله جميعاً. وباختصار فقد انصهرنا جميعاً في بوتقة المحبة العائلية المتبادلة، ومن أجل خاطر والدنا ووالدتنا رحمهما الله تحمل (جيراننا) الأعزاء شقاوتنا (وغلبتنا) الزائدة يومئذ (ومعي بعض إخوتي) في ذلك الزمن الخصيب حباً وطهراً ونقاء!
الصورة الثالثة: مازلت أذكر فترة وجودك في القسم الداخلي بمدرسة الأورمان النموذجية بالقاهرة بداية الستينيات، وكنت أسعد بزيارتك صحبة الأخ سليمان مصطفى الأغا خلال دراستنا الجامعية بمصر، وأسعد مرة أخرى برؤيتك أثناء زيارتك لنا في شارع المعالي بمصر الجديدة، وفي كلا الحالين كنت مثار تقديرنا واعتزازنا بشخصيتك الوقورة وتمتعك بكفاءة عالية خلقياً ودراسياً برغم صغر عمرك يومئذ.
الصورة الرابعة: بما أن الاغتراب أمسى ملازماً لنا نحن الفلسطينيين، فإنني لم ألتق بك بعد الأورمان إلا مرات قليلة، أذكر منها أثناء زيارتنا لبيتكم العامر بالعباسية بعد نكبة حزيران 1967، وإمداد الوالدة الكريمة لنا بـ "طنجرة" "سماقية" معتبرة التهمتها العديد من الأفواه "القلاعية" و"الغزية" على مدى ثلاثة أيام وأيضاً في شارع المعالي. والتقينا مرة أخرى في بيتكم العامر بمصر الجديدة في عام 1975 بمعية والدتي الحاجة أم أحمد رحمها الله، وكنت قادماً وإياها براً من ليبيا، حيث كنت أعمل يومئذ ولن أنسى ما حييت ترحيب والدتكم وإكرامها لنا جزاها الله كل الخير. كما التقيتك أخي مرتين متباعدتين بمكة المكرمة أواخر التسعينيات وقد أبهجني برنامجك الإيماني الدقيق المتمثل في أداء فريضة حج كل عام ورحلة عمرة رمضانية كل عام.. ما شاء الله.
الصورة الخامسة والأخيرة: أسمع على البعد بفرح وزهو أنباء نجاحاتك التجارية والخيرية التي أغبطك
مدرسة الشهيد عبدالرحمن الاغا - خان يونس- البلد
مدرسة محمد كامل الأغا- خان يونس - القرارة
|
عليها كل الغبطة، وأتمنى وأقدر يدك الممدودة بالخير للفقراء والمساكين والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، وأيضاً علاج الجرحى ومساعدة أبناء الشهداء.
كما نثمن ونقدر بناءك الخيري لمدرستي عبدالرحمن الآغا ومحمد كامل الآغا بتجهيزاتهما الكاملة وفاء منك لمدينتك وسكانها، وهناك بالتأكيد مكارم أخرى لا أعلمها، وصدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بقوله "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، فلقد استخدمت المال في موطنه السليم، فاتخذك المال موطناً له، فهنيئا لك يا سليل الأماجد، يا من تمتد جيناتك الوراثية إلى جدك الفارس الجواد الحاج حافظ عثمان الآغا طيب الله روحه وثراه.
أخي الكريم: هنيئا لك بحفيدك، وهنيئاً لك بسيرتك المضمخة بعبير المروءة والنبل والإحسان، وأسأل الله أن يبارك في حسناتك، وأن يبني لنا وللراحلين والمسلمين جميعاً بيوتاً في جنة الرضوان، وأن يجزينا بالحسنى وزيادة. خير الكلام، قال الشاعر : لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت يبنيها
مخلصكم نبيل خالد الأغا أبو خلدون–الدوحة 15/7/2008 |