أثبت الشعب الفلسطيني عن جدارة واستحقاق بقدرته على تجاوز الأزمات السياسية مهما اشتدت، من خلال تداول السلطة أولاً، والشروع في الانتخابات المحلية ثانياً، والرئاسية ثالثاً، وغداً للبلديات، وبعدها للمجلس التشريعي.
إن اختيار الرئيس الجديد اليوم يمثل بداية مرحلة جديدةً، وتحولاً في المسيرة الحياتة برمتها للشعب الفلسطيني وعلينا أن نضع أيدينا في يد الرئيس لبناء دولة المؤسسات التي ننشدها.
أيها الفلسطينيون لقد اخترتم القوي الأمين بإذن الله، ويكفي أن أذكر ذات يوم كنت في زيارة له بالفندق الذي ينزل فيه بالدوحة، تأخر قليلاً عن الحضور، جاء معتذرا، وقال كنت أصلي، فقلت له قِلة من المسؤولين يصلون، أتمنى مستقبلاً اختيار القوي الأمين في الحكومة الجديدة.
تقديم التهنئة اليوم ليس – فقط - للأخ محمود عباس بفوزه في الانتخابات كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية، وكزعيم اختير عبر صناديق الاقتراع، ولكن التهنئة تقدّم للجنة الانتخابات التي جهزت لها، والشعب الفلسطيني بأكمله دون استثناء، الذي تفاعل معها، وشارك فيها بكل مسؤولية، لأنه يعلم أن صوته أمانة رغم أن مَن لم يُدلي بصوته كما يقول الفقهاء خارج عن الجماعة، ولكن لهم التقدير.
إن فوز مرشح فتح الأخ محمود عباس ( أبو مازن) والذي أعتبره طبيعياً جداً من وجهة نظري ونصراً للحق في مواجهة الشعارات الفضفاضة التي أطلقها البعض هنا وهناك، يمثل انطلاقاً لأفاق جديدة نحو الحرية والكرامة والأمن والاستقلال.
إن فوز الرئيس محمود عبّاس اليوم بأغلبية جيدة ستجعله قادراً على البدء بتنفيذ برنامجه الانتخابي دون تغيير أو تعديل أو التفاف على الشعارات التي أطلقت، وأعتقد جازماً بحكم منهجه في ترأس أول وزارة فلسطينية، وما حقق من إنجازات متعددة خلال 130 يوماً في الوزارة، ومعرفتي به عن قرب، لن يحيد عن تنفيذ ما وعد به، طالما سارت الأمور كما خطط لها، دون تعطيل برنامجه الانتخابي من الداخل ( فلسطينياً) أو الخارج( القوى المعادية).
إن الرئيس يمتلك عصاً سحرية، مصدرها الشعب المتعاون الذي يبني ولا يهدم، ينفذ ولا يرفض، يحاسب ويثني، من أجل بناء البيت الداخلي بشكل حضاري، وصولاً إلى تحقيق أهدافنا اليومية والمستقبلية بشكل يُرضي جميع الأطياف السياسية وخاصة أولئك الذين رفضوا الذهاب إلى صناديق الانتخاب لأسباب خاصة بهم.
إن الانتخابات الرئاسية كانت مفتوحة للجميع، من أجل الوطن، والتزاماً بنتائجها فإن الجميع عليه الالزام بقرار الشعب الذي يصدر من صانع القرار ولا يعني عدم مشاركة البعض في الانتخابات الرئاسية بأنهم ليسوا معنيين بأي قرار يصدر من الرئاسة، بل عليهم أن يكونوا الأكثر تجاوباً حتى تسير المركب بربانها الجديد إلى بر الأمان.
إن الشعب الفلسطيني بعد هذا اليوم ستكون له قيادة واحدة، وقرار سياسي وعسكري واحد، ورؤية واضحة، وبندقية للدفاع عن النفس واحدة، ويتطلع إلى تفعيل كامل لكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية، وتنشيط جميع المؤسسات غير الحكومية التي من شأنها المساهمة بشكل أو آخر في تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني ومساعدة السلطة في بناء الدولة، ولكن في ظل رقابة نزيهة.
إن الشعب الفلسطيني اليوم ينظر إليك أبا عبّاس نظرة إلى مستقبل أكثر إشراقاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، وأعتقد بأنك لن تخذل شعبك الذي صوّت لك، ولكن على الشعب الفلسطيني المساهمة في هذا الدور.
إن الشعب الفلسطيني ينظر إلى الرئيس / محمود عبّاس بأمل كبير للخلاص من الهيمنة الفردية الاقتصادية لشخصيات كانت مقربة من صناعة القرار، ومن التسلطية التنظيمية التي كانت سياطاً على رقاب العباد.
إن الشعب الفلسطيني وقد طحنه الفقر والجوع والبطالة يحتاج إلى رجال يتسمون بالنزاهة والشفافية من نوع صناديق الانتخابات الموزعة في أنحاء الوطن لقيادة مؤسسات الوطن ليخرجوهم من هذا الجب المظلم الذي مكّن اليهود من تجنيدهم لحسابهم الخاص.
إن الشعب الفلسطيني اليوم بحاجة إلى قرارات رئاسية إدارية تكفل للسواد الأعظم الحقوق التي سُلبت عنوة منهم على أيدي أفراد لا يهمهم إلا المصلحة الذاتية.
الشعب الفلسطيني اليوم بحاجة إلى الأمن والأمان، وإلى كبح جماح المتلاعبين بمقدرات الشعب الفلسطيني أمنياً وسياسياً واقتصادياً وتعليمياً، وصحياً، وصولاً إلى وقف نزيف الدم، أو لنقل هدنة دائمة حتى تتمكن القيادة الجديدة من القيام بواجباتها، وتنفيذ برنامجها الانتخابي بالصورة التي وعدنا بها.
إننا كفلسطينين أولاً ، وكقيادة جديدة ثانياً، علينا أن نثبت للعالم أننا شعب يريد أن يعيش كما تعيش الأمم والشعوب بكرامة وحرية، وأننا قادرون على بناء دولتنا بكل قوة، وهذا يحتاج منا إلى مد يد العون للرئيس والحكومة الجديدة حتى نصنع المستقبل، وألا نفسح المجال لأحد بالتدخل في شؤوننا الخاصة.
علينا أن نكون على قلب رجل واحد، معارضة وسلطة حتى لا يتم اختراقنا بسهولة، أو الضغط علينا مع قوى خاجية.
تحية إلى كل الذين رشحوا أنفسهم للرئاسة، وتحية إلىالشعب الفلسطيني الأبي على مشاركته الفاعلة في الانتخابات الرئاسية.
أعانك الله سيادة الرئيس أبا مازن، وشد من أزرك، وثبتك على الحق واليقين، وأرشدك من خلال المقربين إلى طريق الرشاد، مستعيناً بقوله تعالى( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)