مقالات
نجم وثلاث كواكب أناروا ليالي رمضان في القرن الماضي (الجزء الرابع والأخير) بقلم محمد سالم علي الأغا
نجم وثلاث كواكب أناروا ليالي رمضان في القرن الماضي
(الجزء الرابع والأخير)
كتب : محمد سالم الأغا
رحم الله فقيدنا وعمنا الشيخ سعيد حمدان الأغا، الذي سطع نجمه مع كوكبة من علمائنا الأفاضل في القرن الماضي وهم أبناء العمومة فضيلة الشيخ فهمي حافظ عثمان الأغا، رحمه الله، وفضيلة الشيخ زكريا أسعيد حمدان الأغا رحمه الله، وفضيلة الشيخ كمال سعيد حمدان الأغا رحمه الله، أربعة أحبوا وطنهم فلسطين ، فأحبهم وطنهم ، كان لهم أحباب وأبناء وتلاميذ، ما أكثرهم في كل المدن الفلسطينية والعربية التي زاروها، أو اعتلوا علي منابرها خطباء مفوهين، وعلماء أجلاء لا يخافون في الله لومة لائم، مع تواضع منهم، وترفع عن الدنيا ، وحطامها، لقد عاشوا رحمهم الله جميعاً متخففين من الدنيا الفانية، بل تركوها وراء ظهورهم ، ليعيشوا دعاة لدينهم ، وكم من منبر يشهد لهم ، وكم من مسجد أو جامع أو تجمع إلا وشهد لهم حسن تربيتهم وتعليمهم، ودعوتهم الي الله والصبر عليها، والله أسأل أن يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته ، وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يعوضنا خيراً فيمن خلفهم، وأن يهيئ لديننا من ينصره، ولفلسطيننا من يقيل عثرتها، وأن يجعل الجنة أول وأخر مرورنا جميعاً الي الفردوس الأعلى .
رابــعـــا وأخيراً
الشيخ كمال سعيد حمدان أسعيد الأغا
رحمه الله
1920 ــ 2007
ولد أبن العم الشيخ كمال سعيد حمدان أسعيد الأغا في الفاتح من ديسمبر 1920م، وتتلمذ مبكراً، علي يدي والده العم الشيخ سعيد، وفي كُتاب خان يونس ، ثم درس في مدرستها الابتدائية الوحيدة في ذلك الوقت والتي كانت تقع مكان مدرسة أبن خالدون حالياً في مركز المدينة، وقد هيئه والده رحمه الله ليلتحق بالأزهر الشريف، وليدرس في كلية الشريعة التفسير والحديث ، وأصول الفقه، ومن الجدير ذكره أن فضيلة الشيخ كمال رحمه الله تتلمذ علي يدي أحد تلاميذ الشيخ الأمام محمد عبده، وهو إمام الأزهر الشريف الشيخ محمد مصطفي المراغي، وأتم علومه الشرعية ونال شهادة الدراسة الشرعية العليا وهي تعادل درجة الماجستير.
وقد عاد إلي وطنه حاملاً شهادته 1944، ليشغل وظيفة كاتب بمحكمة مدينة يافا الشرعية ، ثم تدرج ليصبح رئيساً لكتبتها، حتي نكبة فلسطين 1948، و تهجير اليهود بالقوة لشعبنا الفلسطيني من مدنه وقراه، وقد تزوج حينها من السيدة حفصة عمر السقا، وأنجب منها أولاده الكرام ، ياسر أبو كمال ، والدكتور صهيب أبو محمد والأستاذ عاصم كمال أبو حفص، وقد أنجبا خمس بنات ، السيدة لمياء حرم الأستاذ زكريا محمد السقا، والسيدة علياء أم أحمد حرم الأستاذ توفيق مطر الأغا رحمه الله ، والسيدة عايدة أم محمد حرم الأستاذ يوسف كامل حافظ الأغا، والسيدة نهلة حرم المهندس عيد مصطفي الأغا، والسيدة امتثال أم محمد حرم الأستاذ أرسلان كامل أحمد الأغا ، وعاد شيخنا الجليل لمسقط رأسه ومدينته خان يونس ليعمل كاتباً في محكمة خان يونس الشرعية ثم يتدرج ليؤسس لمحكمة شرعية في مدينة رفح بعد 1967 ، ليصبح قاضيا لها، ثم لينتقل لرئاسة محكمة شرعية خان يونس، ثم ينتدب عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية العليا بمدينة غزة، ثم ليصبح رئيساً لها 1987م، ومن الجدير ذكره أن صلاحيات هذه الوظيفة كانت الأشراف علي المساجد في قطاع غزة ودائرة الأوقاف الأسلامية.
وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وبسط سيطرتها علي الأراضي الفلسطينية المحررة سنة 1994، أصدر الرئيس ياسر عرفات رحمه الله بتشكيل مجلس الإفتاء الأعلي للديار الفلسطينية وكان فضيلة الشيخ كمال أحد أعضاءه، ثم أصدر فخامته تعليماته ليصبح فضيلة الشيخ كمال سعيد الأغا مفتي لمدينة خان يونس، و نائباً في قطاع غزة لمفتي الديار الفلسطينية ليساهم في نهضة الوطن، وإعلاء شأن مجالس العلم والإفتاء في فلسطين .
وقد فارقنا فضيلته في الرابع من شهر ديسمبر 2007، ونحن أحوج ما نكون إليه ولهيبته ولوقاره، ولحسن فتواه التي كان يخافها ويهابها الرجال، ويحسبون لها ألف حساب، وقد حزنت عليه مدينته ووطنه الفلسطيني والعربي ونعاه الناعون بأطيب الحديث، وذكروه بخير الأعمال، وأزكاها ، ونحن نسأل الله أن يتغمد مشايخنا ووالدينا، ووالد والدينا ومن لهم حقٌ علينا وكافة المؤمنين بالله جناته ونعيمه الذي لا ينفد, وأن يقر عيوننا برحيل الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وأن يجمع شملنا بأهلنا وأحبتنا فوق ثري وطننا الطهور.
ومما تجدر الإشارة أليه أن مدينة خان يونس ضمت بين حناياها مشايخ وأئمة ربطتهم رابطة الإسلام المتين ودعوا جميعهم الي الدين القويم، وكان الاحترام والتقدير متبادل بينهم، والعمل لله وللشعب وللأمة هدفهم لملاقاة الله، ولا زلت أذكر العلاقات المميزة بين مشايخنا رحمهم الله، ورفاق دربهم ومسيرتهم الدعوية، والتعليمية، والثقافية التي أثرت أجيالنا المتلاحقة بعلمها الوفير وحسن أدائها ، أمثال :
الشيخ خليل الحوراني، والشيخ محمد الخطيب، والشيخ محمد فليفل، والشيخ خالد الفرا، والشيخ حسن العقاد، والشيخ سليم شراب ، والشيخ محمد الشريف " قاضي خان يونس الشرعي ورئيس بلديتها في أواخر الستينات من القرن الماضي" والشيخ عبد الكريم المشهدي الذي احتضنته خان يونس بعد أن أنقطع به سبيل عودته لقريته " قرية مشهد بفلسطيننا المحتلة 1948، ليتزوج وينجب مشايخ كرام نعتز بصداقتهم ، وشاء القدر أن يُدفن بها ، ولن أنس أنه جاءنا شيوخ إجلاء من مصرنا العزيزة وكانوا نعم العلماء وهم الشيخ محمد الغزالي والشيخ محمود عيد الذي أُشتهر قبل 1967 بالواعظ .
رحم الله شيوخنا، وأئمتنا ومن لهم فضل علينا يارب العالمين، ووفق الله الجميع لكل خير، وثبتنا جميعا على صراطه المستقيم. ونسأله حسن الخاتمة، آمين.
* باحث وكاتب وصحفي فلسطيني
[1] مصطفى عثمان مصطفى الأغا | شكرٌ و تحية | 26-08-2011
[2] ياسر محمد عودة الأغا | أبو على يا نجماً ساطعاً | 26-08-2011