مقالات

تلفزيون...أم مَـفـْسَدْيون ؟!- حمزة نبيل الأغا- فرجينيا

 

 تلفزيون...أم مَـفـْسَدْيون ؟!

 

حمزة نبيل الأغا- فرجينيا

"مُفْسِدْيون" مصطلح لفت انتباهي وأثار إعجابي بشكل كبير خلال درس ديني مسجل كنت استمع إليه منذ عدة سنوات لأحد مشايخ الحق الذين تناقصوا في هذا الزمان.

وتحدث الشيخ في درسه عن مخاطر التلفزيون الذي نـُمضي أمامه نحن وأولادنا ساعات طويلة دون أن ننتبه إلى محتوى ما يبث لنا فنأخذ منه ما نأخذ ونترك منه ما نترك.

لم أدرك في ذلك الوقت ما كان يقصده فضيلة الداعية عن أبعاد هذه المخاطر ولماذا  أطلق على "التليفزيون" مصطلح مَفْسَدْيون إلى أن انتقلت للعيش في بريطانيا ومن بعدها إلى أميركا.

ففي جريدة الشرق الأوسط لفت انتباهي عنوانان جانبيان نشرتهما الجريدة في وقتين مختلفين يتعلق كليهما بتنافس قناتي "Dubai one" و " MBC4" لشراء ما يسمى بحقوق بث المسلسلات التلفزيونية الأميركية الجديدة في نفس الوقت تقريبا الذي تعرض فيه هنا على شاشات التلفزة الأميركية وذلك لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين والإعلانات التجارية.   

وعندما قرأت أسماء تلك المسلسلات وأنا على اطلاع كبير عليها وعلى فحواها بحكم العيش في أميركا أولا " وثانيا لأنني شخصيا كنت مدمنا على معظم أنواع هذه المسلسلات في فترة من فترات حياتي" إلا أنني فوجئت بأن يصل الجشع التجاري وحمى المنافسة بين القنوات للترويج لمسلسلات تبث من خلال أحداثها وشخصياتها ما يتنافي تماما مع معتقدات المسلمين ومبادئهم وأخلاقهم وتعاليم دينهم حتى باتت تشكل خطرا حقيقيا لا يمكن تجاهله أو السكوت عنه.

الخطر الكبير الذي يكمن في هذه المسلسلات هو في محاولة غزوها لعقيدة المسلمين وزعزعتها بل وربما تدميرها وتحطيمها والنيل منها وخصوصا عقيدة التنزيه التي طالما تميز بها المسلمون عن غيرهم، ليزرعوا مكانها عقيدة اليهود والنصارى القائمة على تشبيه الله تعالى بخلقة وعلى انه يسكن السماء وأنه رَجـُـل ٌ عجوز له لحية طويلة وممسكا بعصاه، جالس ٌ على العرش تماما كجميع المجسمات والأصنام التي أراها تملأ أركان المحلات التجارية في أميركا ويبيعونها إما فـُـرادى تـُمثل "إلههم" الذي يعبدونه زورا وبهتانا من دون الله. وإما يبيعونها على شكل مجسمات ثلاثة تمثل ما يسمونه "الله" والسيدة "مريم" وبيدها طفل " هو المسيح" عليه الصلاة وأزكى السلام على أنه "ابن الله والسيدة مريم" والعياذ بالله. وهذا ما يخالف تماما قوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . " وقوله تعالى " وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ " وقوله تعالى" فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" و كذلك قوله تعالى "ولا تضربوا لله الأمثال. ولله المثل الأعلى". وقول رسوله عليه الصلاة والسلام "كان الله ولم يكن شيء غيره" أي قبل خلق الزمان والمكان والجهات كان الله موجودا بلا مكان ولا يجري عليه الزمان وخالق هذا كله لا يحتاجه ولا يشبهه، بل نحن نحتاج له ولا نستغني عن الله طرفة عين. أي أن الله لا شبيه له ولا مثيل له ولا كيف ولا شكل ولا هيئة له.

مسلسلات تدميرية

 وهذه المسلسلات مليئة بما يخالف عقيدة المسلمين التي لا يمكنني حصرها فإحداها تتحدث عن تخاطب الحي مع الميت، وعن مساعدة الحي للميت للعبور عبر الضوء إلى الحياة الأخرى. والأخرى تتحدث عن صراع بين الآلهة وقوى الخير والشر وعن صراع بين الملائكة والشياطين. وأخرى تجسد الملائكة بهيئة إناث لها أجنحة وتتحدث إلى أصدقائها من البشر. فقد ثبت عن التابعي سعيد بن المسيّب أنه قال: "إن الملائكة لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون وأنهم ليسوا ذكوراً ولا إناثا". وقال تعالى "إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى". والملائكة عباد لله طائعون "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".

وإذا ما انتقلنا إلى الجوانب الأخرى التي تمس الأخلاق والتربية الحميدة سنجد أن هذه المسلسلات فيها ما يـُـبـيـح ُ من الحرام ما يفوق التوقعات. فكثير من هذه المسلسلات تعدت مسألة "تعويد" المشاهد على رؤية المشروبات الكحولية والترويج لها كما تجاوزت مسألة تعويده على موضوع الخليل "الصاحب" أو "الصاحبة" التي بدأ الجيل الجديد من الشباب يتباهى بها بكل "عين وقحة" وكأنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا.  بل ولاحظت في السنوات الأخيرة بأن هذه المسلسلات بدأت تروج لما هو أكبر من ذلك بكثير لتصل إلى حد الترويج للأمهات العازبات اللائي لا يعرف بعضهن من هو والد المولود وهذا ما بدأ ينتشر بشكل كبير في بلاد المغرب العربي.

قرأت في جريدة "القدس العربي" منذ أيام قليلة تقريراً نشرته إحدى منظمات حقوق المرأة في الجزائر تحدثت فيه عن تسجيل ثلاثة آلاف حالة ولادة لأمهات عازبات في عام 2011  حملن من "الاغتصاب". ولكن من خلال حديثي مع زملائي الصحفيين من بلاد المغرب العربي أكدوا لي أن موضوع الأمهات العازبات أصبح أكثر قبولا وأكثر شيوعا في تلك المجتمعات مما كانت عليه قبل سنوات قريبة. ناهيك عن الترويج للغة الإنكليزية التي أنستنا جمال لغتنا العربية "حتى صار الجيل الجديد من الشباب ألوء اللسان" وبكثير من الحالات يعجز عن التعبير عما في داخله باللغة العربية ليعبر عنها باللغة الإنكليزية!!

أنا هنا لا أضع اللوم فقط على محطات التلفزة بل ألوم كذلك الآباء والأمهات بالدرجة الأولى وأنظمة التعليم والمراقبة التي تستورد كل شيء من الغرب دون رقابة. وكلها مليئة بالسم. سُــم ٌ يتجرعه أولادنا تحت مرأى أعيننا دون أن نكلف أنفسنا مراقبة ما يشاهدونه أو يتلقونه.

"ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا". ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأخيرا.. أسأل الله تعالى وأتضرع إليه أن يعين عباده المسلمين على ما هو آت وحماهم وعقيدتهم وأولادهم من كل خطر يهددهم، بحق سيد الخلق وحبيب الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على الأستاذ حمزة نبيل خالد نعمان خالد الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد