كَيْفَ نُرَبّي أطْفالاً أَصِحّاءَ أسْوِياء- الجزء الأول :
عِنْدِما نَنْظُرُ إلى مُجْتَمَعاتِنا الْعَرَبِيّة نَرى أنّ كَلِمَةَ تَأْديب يَغْلِبُ عَلَيْها الْجانِبِ السّلْبي ، فَالْعِقابُ هُوَ السّبيلُ الْوَحيدُ للتّأديبِ والتّرْبِيَةِ نَتيجَةَ تَصَرّفٍ أوْ سُلوكٍ خاطِئٍ للصّغاِر أوْ الْكِبار.
أطْفالُنا فَلذاتُ أكْبادِنا ، نَسْعى دائِمًا لِأَنْ نَصِلَ بِهِمْ إلى مُسْتوى الْكَمالِ ، وأنْ نَراهُمْ الْأفْضَلَ عَلى الْإطْلاق ، وانْ نَشُدّ عَلى أيْديهِمْ لِنَصِلَ بِهِمْ إلى بَرِّ الْأمان . لِذا عَلَيْنا تَرْبِيَة أطْفالنا وفْقَ نُظُمٍ وَعاداتٍ وسُلوكِيّاتٍ تَكونُ مَرْغوبَةً لَدى أطْفالنا ، فَنَحْنُ لا نَسْتَطيعُ أنْ نَفْرِضَ سُلوكاً ذا مَفْهومٍ كَبيرٍ على الطِّفْل حيْثُ أنه لا يسْتَطيع إدْراكَهُ ، أو اسْتيعابَهُ ، وهذا مَعْناهُ أنْ يَكون الطّفْلُ أداةً مُتَحرِّكةً ومُنَفِّذَةً فقَط أيْ (شِبْهُ آليّةٍ )
لذا عَلَيْنا النُّزولُ إلى مُسْتوى عُقولِهِم ، ولا نُطالِبُهُم بِرَفْعِ مُسْتوى عُقولِهِم لِمُسْتوى عُقولِنا ، فَهذا مُحال .
ولا بُدّ لنا مِنَ التّعامُلِ مَعَهُم بِحِرْصً وذَكاءٍ شَديدَيْن فالطّفْلُ لَدَيْهِ مِنَ الذّكاءِ ما يجْعَلُهُ يُدْرِكُ تَماما كيْفَ يَحْصُل عَلى ما يُريدُ ، ومِنَ الْخَطَأ جِدّا النّظَرِ إليْهِ عَلى أنّهُ لا يَفْهَمُ ولا يَعي شَيْئا مِمَّا يَدورُ حَوْلَهُ ، فَكُلّ ما يَدورُ حَوْلَهُ يُساهِمُ في رَسْمِ شَخْصِيّةِ الطّفْلِ وصِحّتِهِ النّفْسِيّةِ .
كيْفِيّةِ تَأديبِ الطّفْل :
التّرْبِيَةِ ليْسَتْ ذلِكَ النّوْعُ مِنْ فَرْضِ السُّلْطَةِ الْمُطْلَقَةِ أو المُسْتَبِدّة ، والْمُتسَلِّطَةِ مِنَ الْأهْلِ تِجاهَ أبْنائِهِمْ ، وهذا قَدْ يُعْطي شُعورًا للطِّفْلِ بالذّل والْقَهْرِ مِمّا يُؤَدي إلى ضَعْفِ شَخْصِيّةِ الطّفْلِ وزَعْزَعَةِ ثِقْتِهِ بِنَفْسِه في أخْطَرِ مراحِلِ حَياتِهِ ، مِما يَظْهَرُ لَدى الطّفْل مَشاكِلَ نَفْسِيّة يَصْعُبُ عِلاجُها .
وهُناكَ مِنَ الآباءِ مِنْ يَلْجَأ إلى الْعُنْفِ كوَسيلَةٍ للتّرْبيةِ والتّأديبِ ، فَنَراهُ ينْزِل به أشَدّ الْعِقابِ وربّما يُصيبُهُ في يَدَيْه أوْرِجْلَيْهِ ، أوْ يَلجَأ إلى حَرْقِه وتَعْذيبِه نَراهُ وقَدْ اقْتُلِعَ قَلْبٌه مِنْ بَيْن ضُلوعِه ورَمى بِه عَرْضَ الْبَحْر ، ونَسِيَ انّ مَن بَيْن يَدَيْهِ هُو قِطْعَةً مِنْ قَلْبِه ، وجُزْءٌ مِنْه .
فَتَرْبِيَةُ الْأطْفالِ لَيْسَتْ بالْأمْرِ السّهْل ، فَكُلُّ ما يُحيطُ بالْأطْفالِ يُساهِمُ في بِناءِ شَخْصِيّاتهم ، وهُناكَ الْكَثيرُ مِنَ الطُّرُقِ والْأساليبِ الّتي تَدُلُّنا عَلى الطّريقِ الصّحيح ، وتُساعِدُنا في تَرْبِيَةِ أطْفالِنا تَرْبِيةً صَحيحَةً ، لِكَيْ ينْشَأ أطْفالُنا أقْوِياءَ أصِحّاء قادِرينَ عَلى مُواجَهَةِ الْحَياة وصِعابِها والّتي سَأتَناوَلُها بِعِدّةِ أجْزاءٍ بإِذْنِ اللهِ ولَكُمْ مِنّي خالِصَ الشُّكْرِ لِمُتابَعَتِكُم ،
تَحِيّاتي لَكُمْ .
[1] أ.احمد محمد انيس القدرة (أبو المؤيد) | الله يجزيكي الخير | 06-02-2012