مقالات

وللذكاء قصةٌ أخرى ...بقلم: سمر زكريا الأغا


                                               
  55+77-99+13-19+25-85+1-33=؟؟؟؟؟؟؟ وقبل أن أنتهي من اتمام العملية بواسطة الآلة الحاسبة ...أجد صغيري قد أعطاني الجواب فورياً وذهنيًا !  ربما يظن البعضُ لوهلةٍ  أن السبب يعود الى عبقرية ابني - ذي السبع سنوات-  الفذة ! ...وان كنت أتمنى أنا ذلك... الا أن السبب الحقيقي بعد فضل الله -عزوجل- يرجع الى ذلك البرنامج الرائع الذي بدأ تطبيقه هنا في قطاع غزة منذ  سنواتٍ قليلةٍ مضت...  وهو (برنامج حساب الذكاء العقلي).
ومعرفتي به بدأت في زيارة للحبيبة الفاضلة د.هيفاء الأغا (مدير عام وزارة التربية والتعليم آنذاك) لمنزلي مذ ما يقارب العامين ... وأخذت تشرح لي عنه... وتشجعني على أن ألحق أبنائي به.وأُصدقكم قولاً بأنني  لم أُعر الأمر أهميةً آنذاك, وأخذت أبتسم مجاملةً... وتشاء الصدف أن تتصل بي العزيزة الفاضلة السيدة لمياء كمال الأغا -مديرة روضة الياسمين- التي كان  بها ولدي  في ذلك الوقت- لتخبرني عن نفس البرنامج وأنه سيبدأ تطبيقه لديهم وتسألني ان كنت أرغب في أن ينضم ولدى الى المجموعة؟ .... وبدأ قاسم مشواره مع  الذكاء  ...

في بادئ الأمر كنت أجد تذمراً من ولدي... وعدم رغبةٍ في أن يكمل... ولكن بتشجيعٍ مني ومن والده استمر.. وتشجعت أنا أيضا ...وحضرت عدداً من الحصص معه لكي  أكون ملمةً بما يعمل .
 ولمن منكم أيها الاعزاء الذين لا يعرفون ما هو هذا البرنامج ...أقول: بأن برنامج حساب الذكاء العقلي هو برنامج تم تطويره على أيدي خبراء الأكاديمية الماليزية Intelligen Mental-Arithmetic عضو الاتحاد العالمي لحساب الذكاء العقلي. وهو برنامج تعليمي لتنمية القدرات العقلية باستخدام المعداد (Abacus) بالاعتماد على طريقة التآزر باستخدام أصابع كلتا اليدين اليمنى واليسرى مع جانبي الدماغ الأيمن والأيسر بسرعة ودقة ومهارة تمكن الطفل من التفاعل مع العمليات الحسابية المختلفة والارتقاء بمستوى تفكيرهم بشكل عام.

ويساعد برنامج الذكاء العقلي على تنمية الأداء الذهني لدى الأطفال، وتجاوز حالة البطء والإهمال إلى حالة الشغف بالدروس ، والإحساس بمتعة التعلم، والإقبال عليه بشوق ودافعية بما يعزز الثقة بالنفس من خلال امتلاك القدرات التي تفضي إلى تحقيق الكفاءة والنجاح في التحصيل الدراسي والمواقف الحياتية 
ويحقق التدريب على برنامج حساب الذكاء العقلي المتعة والفائدة معا، ففيه يتحرر الأطفال من الجو التقليدي للدروس اليومية , ويقبلون على البرنامج بشغف وانتباه ومتعة ، كما تزداد متعتهم وسعادتهم عند شعورهم بالإنجاز خلال تقدمهم في التدريب ، مما يحفز دافعيتهم نحو التعلم وكلما تقدم الطفل في المستوى كلما زاد تميزه. 
 

ويبدأ الطفل التدريب بتنمية مهارات حركة الأصابع على المعداد ليتمكن من تحريكها بسهولة ومرونة بشكل يفضي إلى حل المسائل الحسابية بسرعة ودقة ومهارة، ويتدرج التدريب على إجراء عمليات حسابية ذات خانات كبيرة، وباستخدام حركة الأصابع على المعداد بمهارة فائقة ليتوصل إلى إجابات وحلول سريعة وواثقة دون تردد أو خوف.
كما يتدرج التدريب لتعويد الطفل الاستغناء عن المعداد تماماً ليتمكن من إجراء عمليات حسابية متقدمة أكثر صعوبة وتعقيدا باستخدام التخيل النشط، وبالاعتماد على القدرات الذهنية المجردة وهذا ما قد وصل اليه طفلي... حيث أنه الان قد أصبح في المستوى الرابع.  

.
ويصبح الطفل مع التدريب والممارسة قادرا على اجتياز عمليات ذهنية متعددة تسهم في تطوير سمات وقدرات عقلية تضاعف سرعة التعليم بشكل يفوق التعليم التقليدي. وبذلك فإن برنامج حساب الذكاء العقلي بمستوياته المختلفة يُسهم في تطوير العديد من القدرات العقلية مثل التركيز، والملاحظة، والتحليل، والإبداع. مما ينعكس بالإيجاب على تعزيز الكفاءة والفعالية في التحصيل الدراسي، بل في كافة جوانب الحياة والتعامل مع لمواقفها المختلفة.

 اذن الهدف من هذا البرنامج الرائع ليس مجرد اجراء عمليات حسابية معقدة بل:
* الارتقاء بمستوى التفكير وتنمية مهاراته .
* توسيع المدارك وتنمية الخيال.
* صقل المواهب وتنمية الإبداع
* تنمية القدرة على التركيز ودقة الملاحظة.
* تقوية الذاكرة، ورفع معدل الانتباه  .
*تطوير القدرة على التفكير المنطقي.

 ولعل الفئة المستهدفة لهذا البرنامج  هي تلك التي تندرج تحت ما يسمى (بفترة التنوير) وهي تمتد من سن أربع سنوات إلى 12 سنة حيث يمتلك الطفل في هذه السن العديد من الخصائص النمائية التي تكون في أطوار النمو، وتؤهل لاستهداف قدراته، والعمل على تنميتها بممارسات وأنشطة تعليمية تعتمد على التآزر بين الحواس والدماغ.
فقد أثبتت الدراسات العلمية أن خلال السنوات الثلاث الأولى للطفل يكون قد نما الدماغ البشري بمقدار 70% وحتى سن 12 عاما يكون أتم 90% و10% في باقي العمر.
ولربما يظن البعض أن التحاق أبنائهم بهذا البرنامج قد يشكل عبئا عليهم في خلال السنة الدراسية  ...ولكن تجربتي معه أثبتت العكس !  فقد كنت أنا أيضاً أظن ذلك ... وبعد أن أنهى- قاسم- المستوى الأول في روضته... وكان على وشك دخول الصف الأول الابتدائي... آثرت أن أُوقفه.. ظنًا مني أن الأمر قد يشتت أفكاره . ثم مع بداية الاجازة الصيفية ألحقناه به مرةً أخرى ... وقررنا  أن يستمر ..والحقيقة  ذهلنا لما  لمسناه...  فقد أصبح أكثر تركيزاً في المدرسة ...واستيعاباً للدروس بدرجةٍ ملحوظة... كما أن شعور المنافسة قد نما لديه... ودوما يريد أن يكون في الصدارة مما شجعنا على أن نلحق ابنتنا الوسطى -دانة- ذات العشرة أعوام بالبرنامج.
ولكن على الأهل  أن يكونوا صبورين مع أبنائهم ... وألا يتوقعوا أن يلحظوا المهارات فورياً فالأمر يحتاج بعض الوقت... وكلما تقدم الطفل في المستويات كلما  ظهرت مهاراته وتميزه بصورة أوضح . 


  
 نجاح البرنامج في قطاع غزة تُّوجَ بحصول الطالبة ميار الطائي (13 عاماً) من سكان مدينة غزة... على المركز الرابع على مستوى العالم بمسابقة حساب الذكاء العقلي الدولية والتي أقيمت في ماليزيا في نهاية ديسمبر 2010، حيث تم تمثيل فلسطين بوفد مكون من 23 طالبا وطالبة في سابقةٍ تُعد الأول من نوعها في تاريخ فلسطين... وقد شارك بالمسابقة نحو 1500طالب من سبع دول أسيوية وغربية، وقد تمكنت ميار من حل 139مسألة حسابية مُعقدة في غضون 8 دقائق!


وبعد النجاح الملحوظ الذي حققه برنامج حساب الذكاء العقلي IMA Programe  في قطاع غزة، تم نقل التجربة الى مدن الضفة الغربية بافتتاح مقراتٍ جديدةٍ له... في كلٍ من رام الله، نابلس، الخليل وجنين لتحقيق هدف البرنامج الرامي الى مساعدة الأطفال على تنمية قدراتهم الذهنية والارتقاء بمستوى تفكيرهم بشكل عام.
 والشيء الجدير بالذكر هو الكم الهائل من الأطفال الغزيين المشاركين في هذا البرنامج ...على الرغم من أن رسومه قد تشكل لولي الامر عبئا اقتصادياً ...خصوصاً مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاعنا الحبيب...وان دل ذلك على شيء ...فانما يدل على عظمة الفلسطيني الذي يحرم نفسه من أجل أن يرقى بأبنائه  .
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يجعل العلم حجة لنا لا حجة علينا.

اضغط هنا للتواصل أو التعرف على أ. سمر زكريا إبراهيم سليم الأغا

يمكنك تلقي أحدث الأخبار أول بأول بانضمامك لإحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالعائلة من خلال الضغط هنـا

اظهر المزيد